وممّا لا شكّ فيه أنه ليس ثمة معنى أشرف
وأجلّ من العهد بالمرجعية السياسية والفكرية والروحية له عليهالسلام ، ولو وجد لذكره ابن أبي الحديد في معرض
شرحه.
ومنهم جماعة حاولوا تحريف معنىٰ «
الوصية » عن « العهد » ثمّ تحيّروا في تأويلها بما يتناسب وعقيدتهم في الخلافة بعد
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
لقد اضطرّ هذا الصنف من الناس إلى التمحّل
في التأويل وصرف معنى الوصية إلىٰ غير العهد والإمرة والخلافة ، وذلك حين خانتهم
محاولات التضعيف والتشكيك التي اعتمدها آخرون كما سيأتي ، حتىٰ ولو كان التأويل
باهتاً ومخالفاً لاعتبارات اللغة والتاريخ والواقع ، وفيما يلي نذكر بعض تأويلاتهم
:
١ ـ في تأويل المعنى اللغوي للوصي ، فحينما
وجد اللغويون أن عليّاً عليهالسلام
موصوفٌ بالوصي ، راحوا يتأولون هذا اللفظ بعيداً عن معنى العهد ، حيث قالوا : والوصي
كغني ، لقب علي رضياللهعنه
، سمّي به لاتصال سببه ونسبه وسمته بنسب رسول الله صلىاللهعليهوآله
وسببه وسمته (٢)
، وذلك أمر معلوم لا يحتاج معه إلى أن ، يلقب بالوصي بسبب ذلك الاتصال.
هذا مع أن الصحابة لم يفهموا من معني الوصي
إلاّ العهد بالخلافة والإمامة بعد النبي صلىاللهعليهوآله
، حيث قال حجر بن عدي رضياللهعنه.
يا ربّنا سلّم لنا عليّا
سلّم لنا المهذّب النقيا
فانه كان له وليا
ثم ارتضاه بعده وصيا (٣)
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد ١ : ١٣٩ ـ ١٤٠.
(٢) تاج العروس ١٠ :
٣٩٢ مادة ـ وصىٰ ـ ، لسان العرب ١٥ : ٣٩٤ مادة ـ وصىٰ ـ.
(٣) وقعة صفين : ٣٨١
، الفتوح / ابن أعثم ٣ : ١٤٥ ، شرح ابن أبي الحديد ١ : ١٤٥.