٤ ـ ابن خلدون ( ٨٠٨ ه ) . قال في الفصل
الثلاثين من مقدمته : والأمر الثاني هو شأن العهد مع النبي صلىاللهعليهوآله وما تدعيه الشيعة من وصيته لعلي رضياللهعنه وهو أمر لم يصحّ ولا نقله أحد من أئمة النقل.
ثم قال : والذي وقع في الصحيح من طلب الدواة
والقرطاس ليكتب الوصية ، وأن عمر منع من ذلك ، فدليل واضح على أنه لم يقع ، وكذا قول
عمر حين طعن وسئل في العهد ، فقال : إن أعهد فقد عهد من هو خير مني ، يعني أبا بكر
، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني ، يعني النبي صلىاللهعليهوآله
لم يعهد (١).
وقال في تاريخه : ذهب كثير من الشيعة إلى
أن النبي صلىاللهعليهوآله أوصىٰ
في مرضه لعلي ، ولم يصح ذلك من وجه يعوّل عليه ، وقد أنكرت هذه الوصية عائشة ، وكفىٰ
بأنكارها (٢).
أما قوله : « أمر لم يصح ولا نقله أحد »
وقوله : « لم يصح ذلك من وجه » فهو افتراء ، وتجاهل لصحيح السنة ، وعناد للحق.
وأما قوله : « والذي وقع في الصحيح من طلب
الدواة » فانه جعل منع عمر عن كتابة الوصية دليلاً علىٰ عدم وقوع العهد ، ولم
يتعرض إلى أن إرادة النبي صلىاللهعليهوآله
كانت الكتابة ، وهي دليل على العهد لولا منع عمر ، وقد اعترف عمر بأن النبي صلىاللهعليهوآله أراد أن يصرح باسم علي عليهالسلام في الوصية ، فمنع هو من ذلك (٣). ثم إن العهد بالخلافة إذا لم يقع كتابةً
فقد وقع لفظاً في مناسبات عديدة استغرقت جميع مراحل تاريخ النبوة.
__________________
(١) المقدمة / ابن خلدون : ٢١٢ ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ
١٤١٩ ه.
(٢) تاريخ ابن خلدون
٣ : ٢١٥.
(٣) راجع جداله مع ابن
عباس في شرح ابن أبي الحديد ١٢ : ٢٠ ـ ٢١.