قلت : كيف ذاك ؟ قال
: أليس كان رسول الله صلىاللهعليهوآله
أوصى لعلي ؟ قلت : لو أوصى إليه لما حكّم الحكمين ، فسكت وقد اجتمع غضباً ، فجعلت أتوقع
رأسي يسقط بين يدي ، فقال بيده هكذا : أومأ أن أخرجوه ، فخرجت (١).
وقبل الجواب يتّضح من هذا الخبر أن عبد الله
بن علي قائد العباسيين كغيره من رجال الأُمّة يفهم أن الوصيّ هو الذي يقوم بالأمر بعد
النبي صلىاللهعليهوآله ديانةً لا شورىٰ
ولا اختياراً. هذا مع أن الوصية لأمير المؤمنين عليّ عليهالسلام
لا تصحّح شرعية الخلافة العباسية بأي شكل من الأشكال كما أراد عبد الله بن علي ، لأنّ
أمير المؤمنين عليّاً عليهالسلام
لم يوصِ إليهم ، ولا هم ورّاثه الشرعيون.
أما الجواب فبامكان الخوارج والأوزاعي أن
يقولوا : لو كان وصياً لما بايع الشيخين ولما حضر الشورىٰ ، ولكل ذلك جواب يثبته
واقع التاريخ الذي فرض على الوصي العمل بوصية أخيه وعهده إليه بالصبر عند خذلان الأمّة
، فكان عليهالسلام يقول : « وصبرت على أخذ الكظم
وعلى أمرّ من طعم العلقم »(٢).
وقال عليهالسلام
: « وطفقت أرتئي
بين أن أصول بيدٍ جذّاء ، أو أصبر علىٰ طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب
فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتىٰ يلقىٰ ربّه ، فرأيت أن الصبر علىٰ
هاتا أحجىٰ ، فصبرتُ وفي العين قذىً ، وفي الحلق شجىً ، أرىٰ تراثي نهباً
... »(٣).
وذلك لأنه عليهالسلام
آثر بقاء الإسلام الذي نذر حياته وخاض الغمرات لأجله ، فتراه في أحرج المواقف التي
واجهته بعد البيعة يقول : «
سلامة الدين
__________________
(١) تذكرة الحفّاظ / الذهبي ١ : ١٨١ ـ دار إحياء التراث العربي.