ولمّا أراد عليهالسلام أن يبعث أبا موسى إلى الحكومة ، أتاه رجلان
من الخوارج ، وهما زُرعة بن البُرج الطائي ، وحُرقوص بن زهير السعدي ، فدخلا عليه ،
فقالا له : لا حكم إلاّ لله ، فقال عليّ : لا حكم إلاّ لله ، فقال له حُرْقوص : تُبْ
من خطيئتك ، وارجع عن قضيّتك ، واخرج بنا إلى عدوّنا نقاتلهم حتىٰ نلقىٰ
ربّنا. فقال لهم عليّ : قد أردتكم علىٰ ذلك فعصيتموني ، وقد كتبنا بيننا وبينهم
كتاباً ، وشرطنا شروطاً ، وأعطينا عليها عهودَنا ومواثيقنا ، وقد قال الله عزّوجلّ
: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ
اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ
جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)(٢). فقال له حُرقوص : ذلك ذنب ينبغي أن تتوب
منه ؛ فقال عليّ : ما هو ذنب ولكنه عَجْز من الرأي ، وضعفٌ من الفعل ، وقد تقدّمت إليكم
فيما كان منه ، ونهيتُكم عنه (٣).
وبهذا يتبيّن مقدار ما يمتلكه الأوزاعي من
علم بشأن التحكيم ، ومن يدري فلعلّه كان علىٰ رأي الخوارج المارقين.