ثمّ أنه نزل في القرآن الكريم ما يجري مجري
الوصية بالخلافة الإسلامية في آية البلاغ ؛ قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ
إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)(١) ، فكان تبليغ هذا الأمر بحجم تبليغ الرسالة
، فأيّ أمر خطير هذا الذي أشارت إليه الآية ؟
روى الواحدي من طريق الأعمش باسناده إلى
أبي سعيد الخدري رضياللهعنه
قال : نزلت هذه الآية : (يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) يوم غدير خمّ
في علي بن أبي طالب رضياللهعنه(٢).
واستقصى الحاكم الحسكاني طرق حدث أبي سعيد
الخدري بأسانيد متصلة ، ثمّ قال : وطرق هذا الحديث مستقصاة في كتاب ( دعاء الهداة إلى
أداء حق الموالاة ) من تصنيفي في عشرة أجزاء (٣).
وعن ابن مسعود ، قال : كنّا نقرأ على عهد
رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( يا أيُّها
الرَّسولُ بلِّغ ما أُنزِل إليك من ربِّك أن عليّاً مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما
بلَّغتَ رسالته ) (٤).
إذن فإن تنصيب علي عليهالسلام للخلافة في جانب وتبليغ الرسالة في جانب
آخر متوازنان ، فإذا لم ينصب علياً عليهالسلام
فلم يبلغ الرسالة ، باعتبار أنه ترك الكيان
__________________
(١) سورة المائدة : ٥
/ ٦٧.
(٢) أسباب النزول / الواحدي
: ١١٥ ـ عالم الكتب ـ بيروت ، فتح القدير / الشوكاني ٢ : ٦٠ ـ دار إحياء التراث العربي
، المنار / محمد رشيد رضا ٦ : ٤٦٣ ـ دار المعرفة ـ بيروت.
(٣) شواهد التنزيل /
الحسكاني : ١٨١ ـ ١٩٣ ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ـ ١٣٩٣ ه.
(٤) الدرّ المنثور /
السيوطي ٣ : ١١٧ ـ دار الفكر ـ ١٤٠٣ ه ، فتح القدير ٢ : ٦٠.