ويقول : « هذا أخي وناصري ، وصفيي
وصيي ، وذخيرتي وكهفي »(١).
وكان علي عليهالسلام
يتبعه اتباع الظلّ ، مقتدياً بمكارم أخلاق معلّمه العظيم ، وعظمة نفسه ، وطهره ونقائه
، وحسن سيرته ، وبذلك تهيّأت له فرص التفاعل مع النبي صلىاللهعليهوآله والاندماج بخط رسالته ما لم يتهيأ لغيره
، قال عليهالسلام : « قد علمتم موضعي من رسول
الله صلىاللهعليهوآله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في
حجره وأنا وليد ، يضمني إلىٰ صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويُمسني جسده ، ويُشمني
عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ، ... ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أُمّه
، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به ... »(٢).
ومن مظاهر شرف الاصطفاء ، هو أنتقال الوصي
منذ السادسة من عمره إلىٰ بيت النبي صلىاللهعليهوآله
، ذكر البلاذري وعلي بن الحسين الأصفهاني : أن قريشاً أصابها أزمة وقحط ، فقال رسول
الله صلىاللهعليهوآله لعمّيه حمزة
والعباس « ألا نحمل
ثقل أبي طالب في هذا المَحْل ؟ »
فجاءوا إليه ، وسألوه أن يدفع إليهم ولده ليكفوه أمرهم ، فقال : دعوا لي عقيلاً ، وخذوا
من شئتم ، فأخذ العباس طالباً ، وأخذ حمزة جعفراً ، وأخذ محمّد صلىاللهعليهوآله علياً عليهالسلام
وقال لهم : « قد أخذت ـ
من اختاره الله لي عليكم ـ
علياً »(٣).
إذن فقد شاءت عناية الربّ أن يعيش الوصيّ
عليهالسلام في كنف النبي
صلىاللهعليهوآله ، وأن يمتاز
من دون سائر أفراد الأُمّة بعمق وجوده في حياة النبيّ القائد صلىاللهعليهوآله ، فهو
__________________
(١) اثبات الوصية : ١٢١
، كنز الفوائد ١ : ٢٥٥.
(٢) نهج البلاغة / تحقيق
صبحي الصالح : ٣٠٠ / خ ١٩٢.