وكأنهم يقولون : أعذابا أراد الله أن ينزله بأهل الأرض ، بمنعه إيانا السمع من السماء ورجمه من استمع منا بالشهب ، أم أراد بهم ربهم الهدى ، بأن يبعث منهم رسولا مرشدا يهديهم إلى الحق وإلى طريق مستقيم؟.
(١٠) (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أي وأنا منا المسلمون العاملون بطاعة الله ، ومنا قوم دون ذلك ، وأنا كنا أهواء مختلفة وفرقا شتى ، فمنا المؤمن والفاسق والكافر كما هى الحال فى الإنس.
(١١) (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) أي وأنا علمنا أن لن نعجز الله فى الأرض أينما كنا فى أقطارها ، ولن نعجزه هربا إن طلبنا ، فلا نفوته بحال.
والخلاصة ـ إن الله قادر علينا حيث كنا ، فلا نفوته هربا.
(١٢) (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ ، فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) أي وأنا لما سمعنا القرآن الذي يهدى إلى الطريق المستقيم صدقنا به وأقررنا بأنه من عند الله ، ومن يصدق بالله وبما أنزله على رسله فلا يخاف نقصا من حسناته ، ولا ذنبا يحمل عليه من سيئات غيره قاله قتادة.
وقصارى ذلك ـ أنه ينال جزاءه وافرا كاملا.
(١٣) (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) أي وأنا منا المؤمنون الذين أطاعوا الله وأخبتوا إليه وعملوا صالح الأعمال ، ومنا الجائرون عن النهج القويم وهو الإيمان بالله وطاعته ، ومن آمن بالله وأطاعه فقد سلك الطريق الموصل إلى السعادة ، وقصد ما ينجيه من العذاب.
ثم ذم الجنّ الكافرين منهم فقالوا :
(وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) أي وأما الجائرون عن سنن الإسلام فكانوا حطبا لجهنم توقد بهم ، كما توقد بكفرة الإنس ، وقد ذكر ثواب المؤمنين منهم بقوله : «فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً».