والخلاصة ـ إن لدينا فى الآخرة ما يضاد تنعمهم فى الدنيا ، وهو النكال والجحيم والطعام الذي يغصّون به والعذاب الأليم.
وعن الحسن أنه أمسى صائما فأتى بطعام فعرضت له هذه الآية فقال : ارفعه ، ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال : ارفعه ، وكذلك الليلة الثالثة ، فأخبر ثابت البنّانى ويزيد الضبي ويحيى البكّاء ، فجاءوا فلم يزالوا به حتى شرب شربة من سويق.
وبعد أن وصف العذاب ذكر زمانه فقال :
(يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) أي ذلك العذاب فى يوم تضطرب فيه الأرض ، وتزلزل الجبال وتتفرق أجزاؤها ، وتصير كالعهن المنفوش ، وكالكثيب المهيل بعد أن كانت حجاره صماء ، ثم ينسفها ربى نسفا ، فلا يبقى منها شىء.
وبعد أن خوف المكذبين أولى النعمة بأهوال القيامة خوّفهم بأهوال الدنيا وما لاقته الأمم المكذبة من قبلهم فقال :
(إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً ، فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) أي إنا أرسلنا إليكم رسولا يشهد عليكم بإجابة من أجاب منكم دعوتى ، وامتناع من امتنع من الإجابة يوم تلقوننى فى القيامة ، كما أرسلنا إلى فرعون رسولا يدعوه إلى الحق ، فعصى فرعون الرسول الذي أرسلناه إليه فأخذناه أخذا شديدا فأهلكناه ومن معه بالغرق ، فاحذروا أن تكذبوا هذا الرسول ، فيصيبكم مثل ما أصابه.
وقصارى ذلك ـ كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصاه فأخذناه أخذا وبيلا ، أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم ، فاحذروا أن تعصوه فيصيبكم مثل ما أصابه.
وبعد أن هددهم بعذاب الدنيا أعاد الكرّة بتخويفهم بعذاب الآخرة فقال :
(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً ، السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ