شقا أو عيبا؟ ثم أعد النظر وحدّق بالبصر ، لتستيقن تمام تناسبها واستواء خلقها ، وقد زيّنا أقرب السموات إليكم بكواكب يهتدى بها الساري ، ويعلم بها عدد السنين والحساب ، وعليها تتوقف حياة الحيوان والنبات ، وهى أيضا سبب الأرزاق المهيجة لشهوات شياطين الإنس والجن ، وهؤلاء قد استمدوا شيطنتهم من مظاهر الطبيعة بوساطة الحرارة والضوء من الكواكب ، وبذا أعد لهم عذاب السعير جزاء ما اقترفوا فى حياتهم الدنيا.
الإيضاح
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي تعالى ربنا الذي بيده ملك الدنيا والآخرة ، فهو يعز من يشاء ويذل من يشاء ، ويرفع أقواما ويخفض آخرين ، وهو على ما يشاء فعله ذو قدرة لا يمنعه مانع ، ولا يحول بينه وبين ما يريد عجز ، فله التصرف التام فى الموجودات على مقتضى إرادته ومشيئته بلا منازع ولا مدافع.
والخلاصة ـ تعاظم عن صفات المخلوقين من بيده الملك والتصرف فى كل شىء ، وهو قدير يتصرف فى ملكه كيف يريد من إنعام وانتقام ، ورفع ووضع ، وإعطاء ومنع.
ثم شرع يفصل بعض أحكام الملك وآثار القدرة ، ويبين ابتناءهما على الحكم والمصالح ، وأنهما يستتبعان غايات جليلة فقال :
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) أي الذي قدر الموت وقدر الحياة وجعل لكل منهما مواقيت لا يعلمها إلا هو.
(لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أي ليعاملكم معاملة من يختبر حاله ، وينظر أيكم أخلص فى عمله ، فيجازيكم بذلك بحسب تفاوت مراتبكم وأعمالكم ، سواء أكانت أعمال القلب أم كانت أعمال الجوارح.