وأخبرنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد القصاري ، أنا أبي قال : أنا إسماعيل بن الحسن بن عبد الله ، نا أبو القاسم الحسين (١) بن محمّد بن صدقة الفرائضي ، نا العبّاس بن محمّد الدوري ، نا علي بن الحسن بن سفيان ، أنا الحسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة ، قال : قدم الحسن بن علي بن أبي طالب على معاوية فقال : لأجيزنّك بجائزة ما أجزت بها أحدا قبلك ولا أجيز بها أحدا بعدك ، فأعطاه أربع مائة ألف درهم.
وقرأت في كتاب دفعه إلى أبو بكر عتيق بن عليّ بن أحمد ـ أظنه من كتب محمّد بن يحيى الصولي ـ نا المبرّد في إسناد ذكره أن الحسن بن علي كان يفد كلّ سنة إلى معاوية فيصله بمائة ألف درهم. فقعد سنة عنه ولم يبعث إليه معاوية بشيء فدعا بدواة ليكتب إليه ، فأغفى قبل أن يكتب ، فرأى النبي صلىاللهعليهوسلم في منامه كأنه يقول : يا حسن أتكتب إلى مخلوق تسأله حاجتك وتدع أن تسأل ربك؟ قال : فما أصنع يا رسول الله وقد كثر ديني؟ قال : قل : «اللهمّ إني أسألك من كل أمرّ ضعفت عنه قوّتي [و] حيلتي ولم تنته إليه رغبتي ، ولم يخطر ببالي ، ولم يبلغه أملي ، ولم يجر على لساني من اليقين الذي أعطيته أحدا من المخلوقين الأولين والمهاجرين والآخرين إلّا خصصتني يا أرحم الراحمين» [٣١١٩].
قال الحسن : فانتبهت وقد حفظت الدعاء فكنت أدعو به فلم يلبث معاوية أن ذكرني فقيل له : لم يقدم السنة فأمر له بمائتي ألف درهم.
وقد وقعت إليّ هذه الحكاية باسناد وهي أتمّ من هذه إلّا أنه ليس فيها ذكر وفوده.
أنبأنا بها أبو محمّد عبد الجبّار بن محمّد ـ وحدثنا أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد عنه ـ أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو عبد الله الحسين بن العباس الشهرزوري ببغداد ، نا أبو بكر أحمد بن الفرج ، نا أحمد بن عبيد ، نا أبو المنذر هشام بن محمد ، عن أبيه قال : أضاق (٢) الحسن بن علي ، وكان عطاؤه في كل سنة مائة ألف ، فحبسها عنه معاوية في إحدى السنين فأضاق إضاقة شديدة قال : فدعوت بدواة لأكتب إلى معاوية لأذكّره نفسي ثم أمسكت فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام فقال : كيف أنت يا حسن؟ فقلت : بخير يا أبة
__________________
(١) المطبوعة : الحسن.
(٢) بالأصل «أضاف» بالفاء ، والمثبت عن المطبوعة ص ١٠.