ما عظّمه في عيني صغر الدنيا في عينه.
كان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد ، ولا يكثر إذا وجد ، وكان خارجا من سلطان (١) فرجه فلا يستخف له عقله ولا رأيه. وكان خارجا من سلطان الجهلة فلا يمد يدا إلّا على ثقة المنفعة. كان لا يسخط ولا يتبرم. كان إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلّم. كان إذا غلب عليه الكلام لم يغلب على الصّمت كان أكثر دهره صامتا فإذا قال بذّ القائلين. كان لا يشارك في دعوى ولا يدخل في مراء ، ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا. كان يقول ما يفعل ، ويفعل ما لا يقول تفضلا وتكرما. كان لا يغفل عن إخوانه ولا يختص (٢) بشيء دونهم. كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله. كان إذا ابتداه أمران لا يدري أيهما أقرب إلى الحق ، نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه.
أخبرنا أبو القاسم عبيد الله وأبو الحسن علي ابنا حمزة بن إسماعيل بن حمزة الموسويان ، وأبو نصر أحمد بن محمّد بن أبي العبّاس ، وأبو جعفر محمّد بن علي بن محمّد الفقيهان ، وأبو النضر عبد الرّحمن بن عبد الجبار بن عثمان (٣) ، وأبو الفتح محمّد بن الموفق بن محمد (٤) العدلان (٥) ، وأبو المظفر عبد الفاطر بن عبد الرحيم بن عبد الله بن أبي بكر المقرئ ، قالوا : أنا أبو سهل نجيب بن ميمون بن علي الواسطي ، أنا أبو [علي](٦) منصور بن عبد الله بن خالد الذهلي ، أنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه ـ ببغداد ـ نا محمّد بن عبد الله بن سليمان ، نا علي بن المنذر ، نا عثمان بن سعيد الزيات ، حدثني أبو رجاء الحبطي (٧) ـ من أهل تستر ـ نا شعبة بن الحجاج ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث أن عليا سأل ابنه الحسن عن أشياء من المروءة؟ قال : يا بني ما السداد؟ قال : يا أبة دفع المنكر بالمعروف ، قال : فما الشرف؟ قال :
__________________
(١) بالأصل : سلطان بطنه بوجه فلا يستخد له عقله ولا رأيه وصوبت العبارة عن تاريخ بغداد.
(٢) عن تاريخ بغداد وبالأصل «يستخص».
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٩٧.
(٤) ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ١٤٢.
(٥) في المطبوعة ص ١٦١ «المعدلان».
(٦) سقطت من الأصل ، وزيادتها لازمة. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ١١٤.
(٧) ضبطت عن الأنساب ، هذه النسبة إلى الحبطات ، بطن من تميم ، ذكره السمعاني وترجم له باسم : أبي رجاء محمد بن عبد الله الحبطي من أهل تستر.