أما بعد فإن عليا لم يسبقه أحد من هذه الأمة من أولها بعد نبيّها ولن يلحق به أحد من الآخرين منهم. ثم وصله بقوله الأول.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن الأسدي ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، نا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن معروف ، نا علي بن بكر ، أنا ابن الخليل ، نا ابن عبيدة (١) ـ يعني عمر بن شبة ـ ، نا حمّاد بن مسعدة ، عن ابن عون ، عن عمير بن إسحاق ، قال : أمر معاوية الحسن بن علي أن يقوم فيتكلّم ، فجعل يخفض من صوته. فقال له معاوية : أسمعنا فإنّا لا نسمع ، فرفع صوته فقال معاوية هكذا بيده نعم كأنه يأمره بالخفض فأبى الحسن وجعل يرفع صوته ثم [قال] فيما يقول : إنه والله ما بين جابلق وجابلس ـ أو جابرس وجابلق ـ أحد جدّه النبي صلىاللهعليهوسلم غيري وغير أخي وقد رأيت أن أدفع هذا الأمر إلى معاوية.
قال ابن عمر : ولا أدري في هذا الحديث (٢) عن عمير أو عن غيره ، وجعل يقول بيده نحو معاوية (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ).
قال : وأنا علي بن بكر ، أنا أحمد بن الخليل ، نا ابن عبيدة ، نا إبراهيم بن المنذر ، نا ابن وهب (٣) ، أنا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : كان عمرو بن العاص حين اجتمعوا بالكوفة كلّم معاوية وأمره أن يأمر الحسن بن علي أن يقوم ليخطب الناس فكره ذلك معاوية وقال : ما أريد أن يخطب ، فقال عمرو : لكني أريد أن يبدو عيّه في الناس فإنه يتكلم في أمور لا يدري ما هي ، فلم يزل بمعاوية حتى أطاعه ، فخرج معاوية فخطب الناس وأمر رجلا فنادى الحسن بن علي فقال : قم يا حسن فكلّم الناس (٤) ، فقام الحسن فتشهد في بديهة أمر لم يروّه (٥) فقال : أما بعد أيها الناس فإن الله هداكم بأوّلنا وحقن دماءكم (٦) بآخرنا ، إن لهذا الأمر مدة والدنيا (٧) دول وإن الله تعالى قال لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (قل إن
__________________
(١) كذا ، ويقال : ابن عبدة ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٦٩.
(٢) في الترجمة المطبوعة : قال ابن عون : لا أدري هذا الحديث.
(٣) المطبوعة : ابن المذهب.
(٤) أسد الغابة ١ / ٤٩٢ فكلم الناس فيما جرى بيننا.
(٥) أسد الغابة : لم يروّ فيه.
(٦) بالأصل : دماؤكم.
(٧) في الترجمة المطبوعة : وإن الدنيا دار دول.