دخلت أنا ورجل على الحسن بن علي نعوده ، فقال : يا فلان سلني ، قال : لا والله لا نسألك حتى يعافيك الله ، ثم نسألك قال : ثم دخل ثم خرج إلينا فقال : سلني قبل أن لا تسألني ، قال : بل يعافيك الله ثم أسألك ، قال : قد ألقيت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السّمّ مرارا فلم أسق مثل هذه المرة. ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين عند رأسه قال : يا أخي من تتهم؟ قال : لم لتقتله؟ قال : نعم ، قال : إن يكن الذي أظن فالله أشدّ بأسا وأشد تنكيلا وإلّا يكن فما أحب أن يقتل بي بريء ، ثمّ قضى.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر الخزّاز ، أنا أحمد بن معروف الخشاب ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، أنا موسى بن إسماعيل ، نا أبو هلال ، عن قتادة ، قال : قال الحسن للحسين : إني قد سقيت السّمّ غيرة مرة وإني لم أسق مثل هذه إنّي لأضع كبدي قال : فقال (١) : من فعل ذلك بك؟ قال : لم ، لتقتله؟ ما كنت لأخبرك.
قال : وأنا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، حدّثني عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور ، قالت : كان الحسن بن علي سقي مرارا كل ذلك يفلت حتى كان المرة الآخرة التي مات فيها فإنه كان يختلف كبده ، فلما مات أقام نساء بني هاشم عليه النوح شهرا (٢).
قال : وأنا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، نا عبد الله بن جعفر ، عن عبد الله بن حسن (٣) ، قال : كان الحسن بن علي رجلا كثير نكاح النساء ، وكنّ قلّ ما يحظين عنده ، وكان قلّ امرأة يتزوجها إلّا أحبته وضنّت (٤) به. فيقال إنه كان سقي ثم أفلت ، ثم سقي فأفلت ثم كانت الآخرة توفي فيها ، فلما حضرته الوفاة قال الطبيب ـ وهو يختلف إليه ـ : هذا رجل قد قطع السّمّ أمعاءه (٥) ، فقال الحسين : يا أبا محمد خبرني من سقاك السّمّ؟ ، قال : ولم يا أخي؟ قال : أقتله والله قبل أن أدفنك أولا أقدر عليه؟ أو يكون بأرض أتكلّف الشخوص إليه؟ فقال : يا أخي إنما هذه الدنيا ليال فانية ، دعه حتى
__________________
(١) في سير الأعلام ٣ / ٢٧٤ : فقال : من فعله؟ فأبى أن يخبره.
(٢) زيد في أسد الغابة ١ / ٤٩٣ : ولبسوا الحداد سنة.
(٣) في مختصر ابن منظور ٧ / ٣٩ عبد الله بن حسين.
(٤) في سير الأعلام : وصبت به.
(٥) بالأصل «أمعاؤه» خطأ.