أخي يقول : إن خفتم أن يهراق فيّ محجم من دم فادفنوني بالبقيع ، فقلت لأخي : يا أبا عبد الله وكنت أرفقهم به إنّا لا ندع قتال هؤلاء جبنا عنهم ولكنا إنما نتبع وصية أبي محمد أنه لو قال والله ادفنوني مع النبي صلىاللهعليهوسلم لمتنا من آخرنا أو ندفنه مع النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولكنه خاف ما قد ترى فقال : إن خفتم أن يهراق فيّ محجم من دم فادفنوني مع أمي فإنما نتبع عهده وننفذ أمره. قال : فأطاع حسين بعد أن ظننت أنه لا يطيع ، فاحتملناه حتى وضعناه بالبقيع.
وحضر سعيد بن العاص ليصلّي عليه ، فقالت بنو هاشم : لا يصلي عليه أبدا إلّا حسين ، قال : فاعتزل سعيد بن العاص فو الله ما نازعنا في الصلاة ، وقال : أنتم أحق بميتكم فإن قدّمتموني تقدّمت ، فقال حسين بن علي : تقدّم فلو لا أن الأئمة تقدم ما قدّمناك.
قال : وأنا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، نا هاشم بن عاصم ، عن المنذر بن جهضم ، قال : لما اختلفوا في دفن حسن بن علي نزل سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة من أرضهما فجعل سعد يكلم حسينا ، يقول : الله الله فلم يزل بحسين حتى ترك ما كان يريد.
قال : وأنا ابن سعد ، أنا محمد بن عمر ، نا علي بن محمد العمري ، عن عيسى بن معمر ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، قال : سمعت عائشة تقول يومئذ : هذا الأمر لا يكون أبدا يدفن ببقيع الغرقد ولا يكون لهم رابعا ، والله إنه لبيتي أعطانيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حياته ، وما دفن فيه عمر وهو خليفة إلّا بأمري ، وما آثر عليّ عندنا بحسن (١).
قال : وأنا ابن سعد ، أنا محمد بن عمر ، نا عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، قال : سمعت أبان بن عثمان يقول : إن هذا لهو العجب يدفن ابن قاتل عثمان مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر وعمر؟ ويدفن أمير المؤمنين الشهيد المظلوم ببقيع الغرقد.
قال : وأنا ابن سعد ، أنا محمد بن عمر ، نا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن مروان بن أبي سعيد ، عن نملة بن أبي نملة ، قال : أعظم الناس يومئذ أن يدفن معهم أحد ، وقالوا لمروان : يا أبا عبد الملك لا يكون معهم رابع أبدا.
قال : وأنا ابن سعد ، أنا محمد بن عمر ، حدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، عن
__________________
(١) نقله الذهبي باختصار في سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٧٦ وانظر تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢١٤.