نواس ومن شريح ، قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : فخذ ما قاله أبو نواس (١) :
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشّفت |
|
له عن عدوّ في ثياب صديق |
قلت : حسن والله يا أمير المؤمنين ، فما قال شريح؟ فقال : قال :
تهون على الدنيا الملامة أنه |
|
حريص على استخلاصها من يلومها |
قلت : حسن والله يا أمير المؤمنين.
قال : أحسن من ذاك ما سمعته أنا : كنت أسير في موكبي إذ ألجأني الزحام إلى دكان عليه كهل ، وعليه أسمال من ثياب ، فنظر إليّ نظر من قد رحمني مما أنا فيه : فأومأ إليّ بيده ، وقال :
أرى كلّ مغرور تمنّيه نفسه |
|
إذا ما مضى عام سلامة قابل |
قال : قلت : حسن يا أمير المؤمنين.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أنا وأبو الحسن بن سعيد ، نا أبو بكر الخطيب (٢) ، حدّثني الأزهري ، أنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن ، نا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، نا عبد الله بن أبي سعد ، نا أبو ثابت حبيب بن النعمان الحميري ، قال : سمعت كلثوم بن عمرو العتابي يقول لرجل : ـ وتناظرا في شعر أبي نواس ـ فقال : لو أدرك الخبيث الجاهلية ما فضل عليه أحد ، وقال ابن أبي سعد : حدّثني أحمد بن العباس بن الحكم ، حدّثني محمّد بن يزيد النحوي ، حدّثني عبد الله بن يعقوب بن داود ، قال : كنا عند سفيان بن عيينة فجاءه ابن مناذر فتحدث وأنشد ، فقال له سفيان : يا أبا عبد الله ظريفكم هذا أشعر الناس ، قال : كأنك عنيت أبا نواس؟ قال : نعم ، قال : يا أبا محمّد فيما استشعرته؟ قال في شعره في هذه القصيدة (٣) :
يا قمرا أبصرت في مأتم (٤) |
|
يندب شجوا بين أتراب |
أبرزه المأتم لي كارها |
|
برغم دايات وحجّاب |
__________________
(١) البيت في ديوانه ص ٦٢١.
(٢) تاريخ بغداد ٧ / ٤٣٧ ـ ٤٣٨.
(٣) ديوانه ص ٢٤٢ وتاريخ بغداد ٧ / ٤٣٨.
(٤) في الديوان :
يا قمرا أبرزه مأتم