الحسن بن الحسن يقول لرجل يغلو فيهم : ويحكم أحبونا لله فإن أطعنا الله فأحبونا ، فإن عصينا فابغضونا فلو كان الله نافعا أحدا بقرابته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم بغير طاعة الله لنفع بذلك أباه وأمّه ، قولوا فينا الحق فإنه أبلغ فيما تريدون ونحن نرضى به منكم.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ، قالوا : أنا أبو جعفر ، أنا أبو طاهر ، أنا أحمد ، نا الزبير ، قال (١) : وكان عبد الملك بن مروان قد غضب (٢) غضبة له ، فكتب إلى هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة وهو عامله على المدينة ، وكانت بنت هشام بن إسماعيل زوجة عبد الملك ، وأم ابنه هشام ، فكتب إليه : أن أقم آل علي يشتمون علي بن أبي طالب ، وأقم آل عبد الله بن الزبير ، وكتبوا وصاياهم ، فركبت أخت لهشام إليه ، وكانت جزلة عاقلة فقالت : يا هشام أتراك الذي يهلك عشيرته على يده ، راجع أمير المؤمنين ، قال : ما أنا بفاعل ، قالت : فإن كان لا بد من أمر فمر آل علي يشتمون آل الزبير ومر آل الزبير يشتمون آل علي ، قال : هذه أفعلها ، فاستبشر الناس بذلك ، وكانت أهون عليهم ، وكان أول من أقيم إلى جانب المرمر الحسن بن الحسن وكان رجلا رقيق البشرة عليه يومئذ قميص كتان رقيقة ، فقال له هشام : تكلم بسبّ آل الزبير فقال : إن لآل الزبير رحما أبلها ببلالها وأربها بربابها (وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ)(٣) فقال هشام لحرسي عنده : اضرب ، فضربه سوطا واحدا من فوق قميصه ، فخلص إلى جلده فشرخه حتى سال دمه تحت قدمه في المرمر ، فقام أبو هاشم عبد الله بن محمد بن علي ، فقال : أنا دونه أكفيك أيها الأمير ، فقال في آل الزبير ، وشتمهم. ولم يحضر علي بن الحسين ، كان مريضا أو تمارض ، ولم يحضر عامر بن عبد الله بن الزبير ؛ فهمّ هشام أن يرسل إليه ، فقيل له : إنه لا يفعل أفتقتله؟ فأمسك عنه ، وحضر من آل الزبير من كفاه ، وكان عامر يقول : إن الله لم يرفع شيئا فاستطاع الناس خفضه ، انظروا إلى ما يصنع بنو أمية يخفضون عليا ويغرّون بشتمه وما يزيده (٤) الله بذلك إلّا رفعة.
__________________
(١) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٥ / ٢٣٢١ ـ ٢٣٢٢ ونسب قريش للمصعب الزبيري ص ٤٧ ـ ٤٨.
(٢) سقطت من الأصل وكتبت بين السطرين بخط مغاير.
(٣) سورة غافر ، الآية : ٤١.
(٤) في نسب قريش : وما يريد الله بذلك إلّا رفعه.