وقربني إلى خدمته فكنت ليلة عنده إذ أحضر الفراشون الشموع فقال (١) لأبي نصر بن كشاجم ـ وكان كاتبه ـ يا أبا نصر ما يحضرك في صفة هذه الشموع؟ فقال : إنما نحضر في مجلس السيد لنسمع من كلامه ، ونستفيد من أدبه. فقال أبو علي في الحال بديها ، وأنشدناه :
ومجدولة مثل صدر القناة |
|
تعرّت وباطنها مكتسي |
لها مقلة (٢) هي روح لها |
|
وتاج على هيئة البرنس |
إذا غازلتها الصّبا حرّكت |
|
لسانا من الذّهب الأملس |
وإن رنقت لنعاس عرا |
|
وقطّعت من الرأس لم تنعس |
وتنتج في وقت تلقيحها |
|
ضياء يجلّي دجى الحندس |
فنحن من النور في أسعد |
|
وتلك من النار في أنحس |
فقام أبو نصر بن كشاجم وقبّل الأرض بين يديه ، وسأله أن يأذن له في إجازة الأبيات فأذن له فقال :
وليلتنا هذه ليلة |
|
تشاكل أشكال (٣) إقليدس |
فيا ربّه العود حثّي الغناء |
|
ويا حامل الكأس لا تحبس (٤) |
فتقدم بأن يخلع عليه ، وحمل إليه صلة سنية ، وإلى كل واحد من الحاضرين.
وكتب الحسن بن أحمد الأعصم إلى جعفر بن فلاح والي دمشق (٥) :
الكتب معذرة والرّسل مخبرة |
|
والحق (٦) متّبع والخير موجود |
والحرب ساكنة والخيل صافية (٧) |
|
والسلم مبتذل والظل ممدود |
فإن أنبتم فمقبول إنابتكم |
|
وإن أبيتم فهذا الكور مشدود |
__________________
(١) الخبر في الوافي بالوفيات ١١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٦ وسير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٧٥ وانظر فوات الوفيات ١ / ٣١٩.
(٢) الوافي : فعلة.
(٣) سير الأعلام : أوضاع.
(٤) سير الأعلام : «لا تنعس» وفي الوافي : «لا تجلس».
(٥) الأبيات في البداية والنهاية ١١ / ٢٨٧ وسير الأعلام ١٦ / ٢٧٦.
(٦) السير : والجود.
(٧) السير : صافنة.