نعمتك ، المؤمّل لخدمتك ، الحسن بن رجاء جاء لخدمتك فقال المأمون : أحسنت يا غلام ، وبالإحسان في البديهة تفاضلت العقول.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن منصور بن بكر بن محمد بن حية ، أنا جدي أبو منصور ، نا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس الحيري ـ إملاء ـ أنا أبو محمد الحسن بن محمد الأزهري الإسفرايني ، نا محمد بن زكريا الغلّابي ، نا مهدي بن سابق ، قال (١) : دخل المأمون يوما ديوان الخراج ، فمرّ بغلام جميل على أذنه قلم ، فأعجبه ما رأى من حسنه فقال : من أنت يا غلام؟ قال : أنا الناشئ في دولتك ، وخريج أدبك ، والمتقلب في نعمتك ، والمؤمّل لخدمتك (٢) ، الحسن بن رجاء. فقال له المأمون : يا غلام ، بالإحسان في البديهة تفاضلت العقول ، ثم أمر أن يرفع عن مرتبة الديوان ، وأمر له بمائة ألف درهم.
قرأت بخط أبي الحسن بن رشأ بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم عنه ، أخبرني أبو القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن نصر ، حدّثني ابن الجعابي ، حدّثني جحظة أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك ، قال : كان أبو الصقر إسماعيل بن بلبل يهوى جارية من القيان قبل وزارته وكان الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك ينافسه فيها ، وكانت تؤثر الحسن بن رجاء لصباحته وأفضاله وتشنا إسماعيل لقبحه وخلته ، فلما تقلد الوزارة لم يقدم شيئا على ابتياعها فملأ عينيها من الأعراض وواعدها ليوم عزم فيه على الصحبة ، فأمر أن يفرش له وتعبّى الأواني الفضة والذهب وأصناف الطيب والبلور والزجاج المحكم الذي له القدر والقيمة ، فلما أخذ منه الشراب قال لها : رأيت أحسن من مجلسنا هذا؟ قالت : نعم ، قال : وما هو؟ قالت : قدح مورد كنت أشرب فيه عند الحسن بن رجاء ، فوقّع ، إلى أبي بكر الفتى كاتبه وقريبه وكان رسمه أن يجلس في دار أبي الصقر التي للعامة إلى آخر وقت ، ولا ينصرف حتى يستأذنه : بلغني أن عند الحسن بن رجاء قدحا موردا وقد أحببت أن أراه وهو صديقك ، فاكتب إليه في الحضور فإذا حضر فتقدم إليه بإحضار هذا القدح.
__________________
(١) الخبر في الوافي بالوفيات ١٢ / ١٠.
(٢) الوافي : بخدمتك.