وقال سحيم :
وما دمية ، من دمى ميسنا |
|
ن معجبة نظرا واتّصافا (١) |
والسبب في قلب الواو في ذلك تاء أنهم لو لم يفعلوا ذلك لوجب أن يقلبوها ياء ، إذا انكسر ما قبلها ، فيقولوا «ايتعد» و «ايتزن» و «ايتلج» ، وإذا انضمّ ما قبلها ردت للواو فيقولون «موتعد» و «موتزن» و «موتلج» ، وإذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا فيقولون «ياتعد» و «يا تزن» و «يا تلج». فأبدلوا منها التاء ، لأنها حرف جلد لا يتغيّر لما قبله ، وهي مع ذلك قريبة المخرج من الواو ، لأنها من أصول الثنايا ، والواو من الشفة. ومن العرب من يجريها على القلب ولا يبدلها تاء.
فهذا جميع ما أبدلت فيه الواو تاء.
وأبدلت من الياء ، على قياس ، في «افتعل» ، إذا كانت فاؤه ياء ، وفيما تصرّف منه. فقالوا في «افتعل» ، من «اليسر» : «اتّسر» ، ومن «اليبس» : «اتّبس». والعلّة في ذلك ما ذكرناه في الواو ، من عدم استقرار الفاء على صورة واحدة ، لأنك تقلبها واوا ، إذا انضمّ ما قبلها نحو «موتسر» و «موتبس» ، وألفا متى انفتح ما قبلها في نحو «ياتسس» و «ياتبس». فأبدلوها تاء لذلك ، وأجروها مجرى الواو. ومن العرب من لا يبدلها تاء ، بل يجريها على القلب.
فإن قال قائل : فلأيّ شيء قلبت الياء في مثل «ياتسر» إذا انفتح ما قبلها؟.
فالجواب : أنه لمّا وجب في حرف العلّة أن يكون على حسب ما قبله إذا انكسر أو انضمّ ، فتقول «ايتبس» و «موتبس» ، حملوا الفتح على الكسر والضمّ ، فجعلوا حرف العلّة إذا كان ما قبله مفتوحا ألفا. فيكون موافقا للحركة التي تقدّمته ، كما كان ذلك في حين انكسار ما قبله وانضمامه. ولهذه العلّة بنفسها قلبت الواو ألفا في مثل «يا تعد» من «الوعد» أعني أنه حمل الفتح على الكسر والضمّ في مثل «ايتعد» و «موتعد».
وأبدلت من الياء على غير اطّراد في قولهم «ثنتان». ويدلّ على أنها من الياء أنها من «ثنيت» ، لأنّ «الاثنين» قد «ثني» أحدهما إلى صاحبه. وأصله «ثني» ، يدلّ على ذلك جمعهم إيّاه على «أثناء» بمنزلة أبناء وآخاء. فنقلوه من «فعل» ، كما فعلوا ذلك في «بنت».
__________________
(١) البيت من المتقارب ، وهو لسحيم عبد بني الحسحاس في ديوانه ص ٥٤٣ والخصائص ١ / ٢٨٢ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٤٧ ، ولسان العرب ، مادة (ميس).