(وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ) أى فلم يريكموهم كذلك ، وقول الحماسى :
لو كنت من مازن لم تستبح إبلى |
|
بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا [٢٠] |
ثم قال :
لكنّ قومى وإن كانوا ذوى عدد |
|
ليسوا من الشرّ فى شىء وإن هانا |
إذ المعنى لكننى لست من مازن ، بل من قوم ليسوا فى شىء من الشر وإن هان وإن كانوا ذوى عدد.
فهذه المواضع ونحوها بمنزلة قوله تعالى (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا) (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى).
والثانى : أنها تفيد امتناع الشرط وامتناع الجواب جميعا ، وهذا هو القول الجارى على ألسنة المعربين ، ونص عليه جماعة من النحويين ، وهو باطل بمواضع كثيرة ، منها قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) وقول عمر رضى الله عنه «نعم العبد صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه» وبيانه أن كل شىء امتنع ثبت نقيضه ، فإذا امتنع ما قام ثبت قام ، وبالعكس ، وعلى هذا فيلزم على هذا القول فى الآية الأولى ثبوت إيمانهم مع عدم نزول الملائكة وتكليم الموتى لهم وحشر كل شىء عليهم ، وفى الثانية نفاد الكلمات مع عدم كون كل ما فى الأرض من شجرة أقلاما تكتب الكلمات وكون البحر الأعظم بمنزلة الدواة وكون السبعة الأبحر مملوءة