لأن نفى اللازم يوجب نفى الملزوم ، ووجود الملزوم يوجب وجود اللازم ، فيلزم من وجود المشيئة وجود الرفع ، ومن نفى الرفع نفى المشيئة ، اه.
والجواب أن الملزوم هنا مشيئة الرفع لا مطلق المشيئة ، وهى مساوية للرفع ، أى متى وجدت وجد ، ومتى انتفت انتفى ، وإذا كان اللازم والملزوم بهذه الحيثية لزم من نفى كل منهما انتفاء الآخر.
الاعتراض الثالث على كلام بدر الدين : أن ما قاله من التأويل ممكن فى بعض المواضع دون بعض ، فمما أمكن فيه قوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا) الآية ، إذ لا يستحيل أن يقال : لو شارفت فيما مضى أنك تخلف ذرّيّة ضعافا لخفت عليهم ، لكنك لم تشارف ذلك فيما مضى ، ومما لا يمكن ذلك فيه قوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) ونحو ذلك.
وكون لو بمعنى «إن» قاله كثير من النحويين فى نحو (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) (وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) (وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) ونحو «أعطوا السائل ولو جاء على فرس» وقوله :
٤١٩ ـ قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم |
|
دون النّساء ولو باتت بأطهار |
وأما نحو (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ) وقول كعب رضى الله عنه :
٤٢٠ ـ [لقد أقوم مقاما] لو يقوم به |
|
أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل |
فمن القسم الأول ، لا من هذا القسم ، لأن المضارع فى ذلك مراد به المضى ، وتحرير (١) ذلك أن تعلم أن خاصية «لو» فرض ما ليس بواقع واقعا ، ومن ثم انتفى
__________________
(١) فى نسخة «وتقرير ذلك».