فلا ، وهذا هو الصحيح ، وعليه اعتمد سيبويه ؛ إذ جعل انتصاب «حبّ العراق» فى قوله :
١٣٩ ـ آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه |
|
[والحبّ يأكله فى القرية السّوس] |
[ص ٢٤٥ و ٥٩٠ و ٦٠٠]
على التوسع وإسقاط الخافض وهو على ، ولم يجعله من باب «زيدا ضربته» لأن التقدير لا أطعمه ، ولا هذه لها الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، وما لا يعمل لا يفسر فى هذا الباب عاملا.
والثالث : أن «لا» فى الآية حرف ناسخ مثله فى نحو «لا رجل» والحرف الناسخ لا يتقدّمه معمول ما بعده ، ولو لم يكن نافيا ، لا يجوز «زيدا إنّى أضرب» فكيف وهو حرف نفى؟ بل أبلغ من هذا أن العامل الذى بعده مصدر ، وهم يطلقون القول بأن المصدر لا يعمل فيما قبله ، وإنما العامل محذوف ، أى اذكر يوم ، أو يعذبون يوم.
ونظير ما أورده أبو حيان على الأكثرين أن يورد عليهم قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) فيقال : لا يصح لجديد أن يعمل فى إذا ؛ لأن إنّ ولام الابتداء يمنعان من ذلك لأن لهما الصّدر ، وأيضا فالصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف. والجواب أيضا أن الجواب محذوف مدلول عليه بجديد ، أى إذا مزقتم تجددون ؛ لأن الحرف الناسخ لا يكون فى أول الجواب إلا وهو مقرون بالفاء ، نحو (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) وأما (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) فالجملة جواب لقسم محذوف مقدر قبل الشرط ، بدليل (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ) الآية ، ولا يسوغ أن يقال : قدرها خالية من معنى الشرط ، فتستغنى عن جواب ، وتكون معمولة لما قبلها وهو (قالَ) أو (نَدُلُّكُمْ) أو (يُنَبِّئُكُمْ) لأن هذه الأفعال لم تقع فى ذلك الوقت.