توصف. والعشائر استفادت من ضعف الحكومة ومالت للقوي من الجلايرية وآل المشعشع وإلى معاكستهم أخرى ... والناس كانوا قد احترقوا بنيرانهم ونيران من مالوا إليه أو انتصروا له ... وقيمتهم السياسية أكبر من الحربية وفي هذا الأوان يخطب الكل ودهم ... والتدوينات عنهم لا تكاد تذكر ، وأخبار الأنحاء العراقية الأخرى سواء في البصرة أو في الموصل أكثر غموضا وأقل مادة ... لقلة التدوين من عراقيين وارتباك حالة الناس أو ضياع الوثائق. ولو دون جميع ما كان لزاد في الإيضاح عن حوادث هذه الأزمنة وأضاف مظالم أكثر وقسوة وانتهاك حرمات وتقويض مدنية وعمارة ... فالبلاد تركها هؤلاء خاوية ليس لها رونق حياة ، ولا أمل انتعاش ... بل لو زادت الحوادث لما أفادت إلا تعداد أمثلة ، أو تكرير وقائع متماثلة في الظلم والتعدي ...
وفي حالة سياسية وحربية كهذه نرى دائما الحكومة في ضعف ... لا يؤمل منها بقاء حضارة ، ولوازم مدنية ... ولو لا المدارس وموقوفاتها ... لما بقي للعلم أثر أو للحضرة علاقة ... ومع هذا نرى أكابر النابغين من العلماء لا يطيقون صبرا على هذا المصاب فنراهم يتبعون مواطن الرزق ، وأماكن الراحة والطمأنينة والأمان والرغبة العلمية والحضارة ... وقد عددنا جملة صالحة منهم ممن اشتهر خارج القطر ... ونال منزلة رفيعة ... ونجدهم قلوا عمن سبق أيام الحكومات الماضية ... مما يشعر بتناقص الثقافة ... والحكومة لم تبال بثقافة ولا تذكر في هذا العهد آثار عمارة لمدارس ولا لغيرها ، ولا تعمير مساجد ، ولا قيام بأمر من شأنه أن يشوق للعلم أو الترغيب فيه ...
كل هذا ونرى المؤسسات السياسية قد رسخت والإدارة استقرت نوعا والعنصر الغالب من أرباب السلطة هم التركمان ، شكلوا لهم كيانا على حسابهم ودافعوا عن حوزتهم فلم يستطع حسن بك بصولته القاهرة آنئذ أن يستولي على بغداد ... مما يدل على شدة التمسك بالسلطة