مالوا إلى حسن بيك واستمدوا به لدفع هذا الصائل الذي لم يطيقوا كفاحه ... وطلبوا من السلطان حسن الحماية ... وهذا اهتم للأمر وجهز فيلقا ساقه إلى الممالك العثمانية فتقدم إلى طوقات فأبادها وسار إلى قيصرية وكان ما مر. ثم إن السلطان حسن سار بنفسه وأقام عساكره في نقاط مهمة وتأهب للحرب ...
أما السلطان محمد الفاتح فإنه حينما سمع بهذا الخبر جمع جيشا تبلغ عدته مائة وثمانين ألفا ونهض لمقارعته ... وكان في مقدمة جيشه (خاص مراد) وهذا قد قرب من عدوه فتأهب لمحاربته ولما نالته الصدمة الأولى من جيش حسن بيك وافى الفاتح بسرعة لقراع عدوه في صحراء (ترجان) (١).
إن حسن بيك عهد لنفسه قيادة القلب وجعل القائد على الميمنة ابنه زينل بيك وعلى الميسرة بعض الأمراء ممن اعتقد فيهم الكفاءة ...
وعلى كل بادرت ميمنة العثمانيين وميسرتهم بالهجوم فكانت النتيجة أن اختلت ميمنة الجيش وقتل قائدها زينل بيك فحاول السلطان حسن إعادة النظام إلى الجيش المغلوب بكل جهد فذهبت محاولاته عبثا ولم يفد التشجيع فانحلوا ولم يعد أمر إدارتهم ميسورا ...
هذه الحرب كانت من الحروب العظيمة المعدودة بل هي من أكبر الحروب التي جابهها السلطان حسن ودارت فيها الدائرة عليه فقد قتل فيها ابنه وأسر من جيشه نحو أربعين ألفا ... فكانت مصيبتها كبيرة ونكبتها وبيلة جدا ... فلم يستطع الدخول في الحرب مع العثمانيين مرة أخرى وحاذر أن يناله ما يؤدي إلى ضياع جميع ما بيده فاتخذ التدابير اللازمة للرجعة المنتظمة ...
__________________
(١) في تاريخ تركية أن الحرب كانت في تلال (أو تلق بلي) قرب أرزنجان ص ١٨.