أن جاءت النوبة إلى الحكومة الصفوية. فلم تنقطع الصلة بين الماضي والحاضر. ولكن الفتن الأخيرة جعلت أمراء هذه الحكومة وسلاطينها في ريب من وضعهم. وقد اشتدت الحزبية حتى بلغت حدّها وكثرت الفتن فكانت أشد مما هي عليه في عهد دولة قرا قوينلو.
كانت المجادلات بين أمراء هذه الدولة أنفسهم وصار الملوك ألعوبة بأيديهم فلم يستقر حكم. ثم زاد في الطين بلة (ظهور الصفوية) وقيامهم ، فلم يبق أمل للناس في الراحة ، والطمأنينة. وضعف العراق وتذبذب أمر إدارته فلم تدع الغوائل طريقا للنهوض ولا كانت الفرصة سانحة للاستفادة من شدة الخلاف والاختلاف بين الأمراء وبين الناهضين الجدد.
وكل المدونات عن هذه الحكومة أو غالبها يخص حالتها العامة ، ووضعها الشامل فلا تجد بحثا خاصا عن العراق ومستمرا إلى آخر أيام هذه الدولة وليس فيها ما يوضح الحالة الاجتماعية وما عرض لها من أوضاع. فهي في غموض نوعا.
والحالة العشائرية متبدلة ولم نر للعشائر ذكرا في أيام هذه الدولة إلا قبيلة واحدة هاجمتها الحكومة الصفوية وهي قبيلة (غزية) وهذه كانت صاحبة الصولة في هذا الدور وكذا جاءت الإشارة إلى الجوذر والجحيش ... وكأن هذه العشائر اعترتها بهتة من هذه التبدلات.
أما المدارس فلا نجد واحدة من مؤسساتهم بل لا نرى لها ذكرا فإن الحالة كانت تدعو للقلق فلم ترج سوق العلم إلا بقدر الحاجة والتنوع في ضروبه يكاد يكون مفقودا ذلك ما دعا أن يندثر. والبقية الباقية لا تزال تظهر مواهبها في واحد بعد آخر. فلم يعدم القطر من علماء والاطراد والمجرى العلمي المعروف من أكبر العوامل على البقاء أو بالتعبير الأصح التشكيلات آنئذ تدعو أن لا يفقد العلم وإن كان فقد