عَدْلُ الشيء وعِدْلُه سواء أي مثله.
قال وأخبرني ابن فهم عن محمد بن سلّام عن يونس قال : العَدْلُ : الفِدء في قوله جلّ وعزّ : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) [الأنعام : ٧٠].
قال وسمعت أبا الهيثم يقول : العِدْلُ : المِثل : هذا عدله : والعَدْلُ : القِيمة يقال : خذ عَدْله منه كذا وكذا أي قيمته. قال : ويقال لكلّ من لم يكن مستقيماً : حَدْلٌ وضدّه عَدْلٌ. يقال : هذا قَضَاء عَدْلٌ غير حَدْلٍ. قال والعِدْلُ : اسم حِمْل مَعدُولٍ بحمل أي مُسَوًّى به. والعَدْل : تقويمك الشيء بالشيء من غير جنسه حتى تجعله له مِثلاً. وقول الله جلّ وعزّ : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق : ٢].
قال سعيد بن المسيّب : ذَوَيْ عقل.
وقال إبراهيم : العَدْل الذي لم تظهر منه ريبة.
وكتب عبد الملك إلى سَعيد بن جُبَير يسأله عن العَدْل ، فأجابه : إن العَدْل على أربعة أنحاء : العَدْل في الحكم : قال الله تعالى : (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)(١) [النساء : ٥٨] والعَدل في القول ؛ قال الله تعالى : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) [الأنعام : ١٥٢]. والعَدل : الفِدْية ؛ قال الله : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ) [البَقَرَة : ١٢٣]. والعَدْل في الإشراك قال الله جلّ وعزّ : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعَام : ١]. وأمّا قوله جلّ وعزّ : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) [النِّساء : ١٢٩]. قال عَبِيدة السَلْماني والضحَّاك : في الحُبّ والجماع. وقوله سبحانه : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) [الأنعَام : ٧٠] كان أبو عبيدة يقول معناه وإن تُقسط كل أقساطٍ لا يُقبل منها. قلت : وهذا خطأ فاحش وإقدام من أبي عُبِيدة على كتاب الله. والمعنى فيه : لو تفتدي بكل فِداء لا يقبل منها الفداء يومئذ. ومثله قوله : (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ) [المعَارج : ١١] الآية أي لا يقبل ذلك منه ولا يُنْجيه. وقولهم : رجلٌ عَدْل معناه ذو عدل ألا تراه. قال في موضعين : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق : ٢] ، فنُعِتَ بالمصدر. وقيل : رجل عَدْلٌ ، ورجلان عَدْلٌ ورجال عَدلٌ ، وامرأة عَدْلٌ ، ونِسْوة عَدْلٌ ، كل ذلك على معنى : رجال ذوِي عَدلٍ ونسوة ذوات عَدل. والعَدْل : الاستقامة. يقال : فلان يَعدِل فلاناً أي يساويه. ويقال ما يعدِلك عندنا شيء أي ما يقع عندنا شيء مَوْقعك. وإذا مال شيء قلت : عَدلتُه أي أقمتُه فاعَتَدَلَ أي استقام ومن قرأ قول الله جلّ وعزّ : (خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) ـ بالتخفيف ـ (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ) [الانفِطار : ٧ ، ٨].
قال الفراء : من خفّف فوجهه ـ والله أعلم ـ فصرفك إلى أيّ صورة شاء إما حَسَن وإما قبيح وإما طويل وإما قصير. ومن قرأ : (فَعَدَّلك) فشدد ـ وهو أعجب الوجهين إلى
__________________
(١) في المطبوعة (وإن حكمت فاحكم بينهم بالعدل) وهي ليست بآية.