يحيى بن وَثّابٍ والأعمش وحمزة.
قال الفرّاء : ولا أعلم له وجهاً إلا أن يكون عَبُدَ بمنزلة حذُر وعَجُل.
وقال نُصَير الرازيّ : (عَبُدٌ) وَهمٌ ممَّن قرأه ، ولسنا نعرف ذلك في العربيَّة.
ورُوي عن النخعي أنه قرأ : (وعُبُدَ الطاغوتِ) وذكر الفرّاء أن أُبَيَّاً وعبد الله قرءا (وعبدوا الطاغوت).
ورُوي عن بعضهم أنه قرأ : (وعُبَّاد الطاغوت) وبعضهم (وعَابِدَ الطاغوت).
ورُوي عن ابن عباس : (وعُبِّدَ الطاغوت).
ورُوي عنه أيضاً : (وعُبَّدَ الطاغوت).
قلت : والقراءة الجيّدة التي لا يجوز عندنا غيرها هي قراءة العامّة التي بها قرأ القُرّاء المشهّرون. (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) [المائدة : ٦٠] على التفسير الذي بيّنته من قول حُذَّاق النحويين.
قلت : وأما قول أوس بن حجر :
أبَنِي لبيني أن أُمَّكُمُ |
أَمَةٌ وإن أباكم عَبُدُ |
فإنه أراد : وإن أباكم عَبْد فثقَّله للضرورة ، فقال : عَبُدُ.
وقال الليث : العَبد : المملوك. وجماعتهم : العَبِيد ، وهم العِبَاد أيضاً ؛ إلَّا أنّ العامّة اجتمعوا على تفرقة ما بين عباد الله والمَماليك ، فقالوا : هذا عَبْد من عباد الله ، وهؤلاء عبيد مماليك.
قال : ولا يقال : عَبَدَ يَعْبُدُ عِبَادَةً إلّا لمن يَعْبُدُ الله. ومن عَبَدَ مِن دونه إلهاً فهو من الخاسرين.
قال : وأما عَبْدٌ خَدَمَ مولاه فلان يقال : عَبَدَه.
قال الليث : ومن قرأ : (وَعَبُدَ الطاغوتُ) فمعناه صار الطاغوتُ يُعْبَد ، كما يقال : فَقُهَ الرجل وظَرُفَ. قلت : غَلِط الليث في القراءة والتفسير. ما قرأ أحد من قُرَّاء الأمصار وغيرهم (وَعَبُدَ الطاغوتُ) برفع الطاغوت ، إنما قرأ حمزة : (وَعَبُدَ الطاغوتِ) وهي مهجورة أيضاً.
قال الليث : ويقال للمشركين : هم عَبَدَة الطاغوتِ. ويقال للمسلمين : عِبَاد الله يَعْبُدُون الله. وذكر الليث أيضاً قراءة أخرى ما قرأ بها أحد وهي (وعابدو الطاغوت) جماعة.
وكان رَحِمه اللهُ قليل المعرفة بالقراءات. وكان نَوْلُه ألّا يحكي القراءات الشاذَّة ، وهو لا يحفظها القارىء قرأ بها وهذا دليل على أن إضافته كتابه إلى الخليل بن أحمد غير صحيح ، لأن الخليل كان أعقل وأورع من أن يسمِّى مثل هذه الحروف قراءات في القرآن ، ولا تكون محفوظة لقارىء مشهور من قُرّاء الأمصار ودليل على أن الليث كان مغفَّلاً ونسأل الله التوفيق للصواب.
وقال الليث : يقال أعبَدني فلان فلاناً أي ملّكني إيّاه.
قلت : والمعروف عند أهل اللغة : أعبَدت فلاناً أي استعبدته. ولست أنكر جواز ما ذكره الليث إن صحَّ لثقة من الأئمة ، فإن السماع في اللغات أولى بنا من القول بالحَدْس والظنّ وابتداع قياسات لا تستمرّ