مارِسْ فهذا زمن المِرَاس |
واعْدِس فإن الجَدّ بالعِدَاس |
سعد : رُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يقول في افتتاح الصلاة : «لبَّيك وسَعْديك ، والخير في يديك ، والشرّ ليس إليك». قلت : وهذا خبر صحيح ، وحاجة أهل العلم إلى معرفة تفسيره ماسَّة. فأما لبَّيك فهو مأخوذ من لَبَّ بالمكان وألَبَّ أي أقام به ، لَبّاً وإلباباً ، كأنه يقول : أنا مقيم في طاعتك إقامة بعد إقامة ، ومجيب لك إجابة بعد إجابة. وأخبرني المنذريّ عن الحَرّانيّ عن ابن السكيت في قوله : «لبَّيك وسعديك» ، تأويله إلباباً بعد إلباب أي لزوماً لطاعتك بعد لزوم ، وإسعاداً لأمرك بعد إسعاد.
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال : سَعْدَيك أي مساعدة لك ثم مساعدة وإسعاداً لأمرك بعد إسعاد.
وقال ابن الأنباري : معنى سعديك أسعدك الله إسعاداً بعد إسعاد. قال : وقال الفرَّاء : لا واحد للبَّيك وسعديك على صحة. قال : وحنانيك : رحمك الله رحمة بعد رحمة. قلت : وأصل الإسعاد والمساعدة متابعة العبد أمر ربّه. وقال سيبويه : كلام العرب على المساعدة والإسعاد ، غير أن هذا الحرف جاء مثنَّى على سَعْديك ولا فعل له على سَعَد. قلت : وقد قرىء قول الله جلّ وعزَّ : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) [هود : ١٠٨] وهذا لا يكون إلّا من سَعَده الله لا من أسعده ، وبه سُمّي الرجل مسعوداً. ومعنى سَعَده الله وأسعده أي أعانه ووفَّقه. وأخبرني المنذريّ عن أبي طالب النحويّ أنه قال : معنى قولك لبَّيك وسعديك أي أسعدني الله إسعاداً بعد إسعاد. قلت : والقول ما قال أبو العباس وابن السكيت ، لأن العبد يخاطب ربَّه ويذكر طاعته له ولزومه أمره ، فيقول : سعديك كما يقول : لبَّيك أي مساعدة لأمرك بعد مساعدة. وإذا قيل : أسعد الله العبدَ وسَعَده فمعناه : وفَّقه الله لما يرضيه عنه فيَسْعد بذلك سعادة. وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا إسعاد في الإسلام». وتأويله أن نساء أهل الجاهلية كنّ إذا أُصيبت إحداهن بمصيبة فيمن يَعِزُّ عليها بكته حولاً ، ويُسعدها على ذلك جاراتُها وذوات قراباتها ، فيجتمعن معها في عِداد النياحة وأوقاتها ويتابعنها ويساعدنها ما دامت تنوح عليه وتبكيه ، فإذا أصيب صواحباتها بعد ذلك بمصيبة أسعدتهنّ بعد ذلك ، فنهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن هذا الإسعاد. والساعد ساعد الذراع وهو ما بين الزَنْدين والمِرْفَق ، سمّي ساعداً لمساعدته الكف إذا بَطَشَت شيئاً أو تناولته. وجمع الساعد سواعد. وساعد الدَّرّ ـ فيما أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي ـ : عِرْق ينزل الدَّر منه إلى الضرْع من الناقة. وكذلك العِرْق الذي يؤدّي الدَرّ إلى ثَدْي امرأة يسمَّى ساعداً. ومنه قوله :
ألم تعلمي أن الأحاديث في غد |
وبعد غد يا لُبْنَ ألْبُ الطرائد |
|
وكنتم كأُمٍّ لَبَّةٍ ظَعَن ابنُها |
إليها فما درّت عليه بساعد |
قال : رواه المفضل : طعن ابنها بالطاء أي