ويجوز أن يكون معناه : أنهم يسمعون الكذب ليُشيعوه في الناس والله أعلم بما أراده. عمرو عن أبيه أنه قال : من أسماء القيد المُسْمِعُ. وأنشد :
وَلِي مُسْمِعَانِ وَزَمَّارَةٌ |
وظلٌّ ظليلٌ وحصْنٌ أَمَقْ |
أراد بالزمّارة : السّاجور. وكتب الحجّاج إلى عامل له : أن ابعثْ إليّ فلاناً مُسَمَّعاً مُزَمَّراً أي مَقيَّداً مُسَوْجَراً. وقال الزجّاج : المِسْمَعَانِ جَانِبا الغَرْب. وقال أبو عمرو : المِسْمَعُ العُرْوة التي تكون في وسط المزادة. ووسط الغَرْب ليعتدل. أبو عبيد عن الأحمر قال : المِسْمَعَانِ : الخشبتان اللتان تُدْخَلان في عُرْوتي الزَبِيل إذا أخْرج به التراب من البئر ، يقال منه : أسمَعتُ الزَبِيل. وروى أبو العباس عن أبي نصر عن الأصمعي قال : المِسْمَعُ عُرْوة في داخل الدلو بإزائها عروة أخرى ، فإذا استَثقل الصبيُّ أو الشيخ أن يستقي بها جمعوا بين العُرْوتين وشدّوهما لتخفّ. وأنشد :
سألتُ زيداً بعد بَكْرٍ خُفَّا |
والدَلْوُ قد تُسْمَعُ كَيْ تَخِفَّا |
قال : سأله بَكْراً من الإبل فلم يعطه ، فسأله خُفًّا أي جَمَلاً مُسِنًّا. وقال آخر :
ونَعْدِلُ ذا المَيْلِ إنْ رَامَنَا |
كما عُدِلَ الغَرْبُ بالمِسْمَعِ |
وسمعت بعض العرب يقول للرجلين اللذين ينزِعان المِشْئاة من البئر بترابها عند احتفارها ، أسْمِعَا المِشْئاة أي أبيناها عن جُول الرَكِيَّة وفمها. وقال الله جلّ وعزّ : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) [البقرة : ٧] فمعنى خَتَمَ :
طَبَعَ على قلوبهم بكفرهم ، وهم كانوا يسمعون ويبصرون ، ولكنهم لم يستعملوا هذه الحواسّ استعمالاً يُجدي عليهم ؛ فصاروا كمن لم يسمع ولم يبصر ولم يعقل ؛ كما قال الشاعر :
أصَمُّ عَمَّا ساءه سَمِيعُ
وأما قوله : على سمعهم فالمراد منه على أسماعهم. وفيه ثلاثة أوجه أحدها : أن السمع بمعنى المصدر ، والمصدر يوحّد يراد به الجميع. والثاني أن يكون المعنى على مواضع سمعهم ، فحذفت المواضع كما تقول : هم عَدْلٌ أي ذوو عَدْلٍ. والوجه الثالث : أن يكون إضافته السمع إليهم دالاً على أسماعهم ؛ كما قال :
في حَلْقكم عَظْم وقد شَجِينا
معناه : في حلوقكم. ومثله كثير في كلام العرب. ورُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من سَمَّعَ الناس بعمله سَمَّعَ الله به سَامِعُ خَلْقِه وحقّره وصغّره». ورواه بعضهم : أسَامِعَ خَلْقِه. قال أبو عبيد : قال أبو زيد : يقال سَمَّعْتَ بالرجل تسميعاً إذا ندَّدت به وشهَّرته وفضحته. قال : ومَن روى سامعُ خَلْقِه فهو مرفوع أراد : سَمَّعَ الله سامعُ خلقه به أي فضحه. ومن رواه أسَامِع خلقه فهو منصوب ، وأسَامِع جمع أسْمُع وهو جمع السَّمْع ، ثم أسَامِعُ جمع الأَسْمُع. يريد إن الله ليسمع أسماع خلقه بهذا الرجل يوم القيامة. والسُّمْعَةُ : ما