وقال الله جلّ وعزّ : (فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) [هود : ٣٦] ، قيل معناه : لا تَحزَن ولا تَسْكُن وقد ابتَأس فهو مُبْتَئِس.
وأَنشَد أبو عبيد :
ما يَقسِمُ اللهُ أَقبَلْ غيرَ مُبْتَئِسٍ |
منه وأَقْعُدْ كَريما ناعمَ البالِ |
أي : غيرَ حزينٍ ولا كارِه.
وخمر بيسانيةٌ : منسوبة. وبيسان : موضع فيه كروم من بلاد الشام.
وأمّا بِئْسَ ونِعْمَ : فإنّ أبا إسحاق قال : هما حرفان لا يَعمَلان في اسم عَلَم ، إنّما يَعمَلان في اسم مَنكُور دالٍّ على جنس ، وإنّما كانتا كذلك لأنّ نِعْمَ مستوفيةٌ لجميع المدح ، وبئس مستوفية لجميع الذمّ.
فإذا قلت : بئْسَ الرجلُ ، دلَلتَ على أنّه قد استوفى الذّم الذي يكون في سائر جنسِه ، فإذا كان معهما اسمُ جِنْس بغير ألف ولام فهو نَصْب أبدا ، وإذا كانت فيه الألف واللام فهو رَفْعٌ أبدا.
وذلك قولك : نِعمَ رجلا زيدٌ ، أو بئسَ رجلا زيدٌ ، وبئسَ الرجلُ زيدٌ. والقصدُ في نِعم وبئسَ أن يَليَهما اسمٌ مَنْكور أو اسمُ جِنْس ، وهذا قول الخليل.
ومن العرب من يَصِل بئس ب «ما».
قال الله جلّ وعزّ : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) [البقرة : ١٠٢].
ورُوِي عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «بئسَما لأحدكم أن يقول نَسِيتُ آية كَيْتَ وكَيْتَ أمَا إنّه ما نَسِي ولكنّه أُنْسِي».
والعرب تَقول : بئسَما لك أن تفعلَ كذا وكذا إذا أدخلتَ «ما» في بئس أدخلتَ بعدها أَنْ مع الفعل ، بئسَما لك أن تَهجُر أخاك ، وبئسَما لكَ أن تَشتُم الناسَ.
ورَوَى جميعُ النحويِّين : بئسَما تزويج ولا مَهْر ؛ والمعنى فيه : بئسَ شيئا تزْويجٌ ولا مَهْر.
وقال الزّجّاج : بِئْسَ إذا وقعتْ على «ما» جعِلت «ما» معها بمنزلة اسم منكَّر ، لأنّ بِئْس ونِعْم لا يَعمَلان في اسمِ عَلَم ، إنما يَعمَلان في اسمٍ منكور دال على جنس.
قال شمر : إذا قال الرجل لعدوّه : لا بأسَ عليك ، فقد أمّنَه ، لأنه نفى البأس عنه ، وهو في لغة حِمير : لَبَاتِ ؛ أي : لا بأسَ وقال شاعرهم :
شَربنا النومَ إذ غَضت غَلاب |
بتسهيد وعَقْد غير مَيْن |
|
تنادَوْا عند غدرهم لَبَات |
وقد بَرَدَت مَعاذِرُ ذي رُعَيْنِ |
ولَبَاتِ بلغتهم : لا بأس ، كذا وجدته في كتاب شمر.
وسب : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الوَسَبُ : الوَسَخ ، وقد وَسِب وَسبا ، ووَكِبَ وَكَبا ، وحَشِنَ حَشَنَا ، بمعنى واحد.
وقال ابن الأعرابي : إنّك لتَرُدّ السُّؤال المُحِف بالإباءِ والأَبأْسِ.