قال الزجاج : لمّا قال زكريا لربّه : (اجْعَلْ لِي آيَةً) [مريم : ١٠] أي : علامةً أعلم بها وقوعَ ما بُشِّرتُ به قال : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) [مريم : ١٠] ، أي : تمنع الكلامَ وأنتَ سَوِيٌ لا خرسَ بك فتعلم بذلك أنّ الله قد وهبَ لك الولد. وسَوِيّا منصوب على الحال.
وأما قوله : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [مريم : ١٧] ، يعني جبريلَ تمثَّلَ لمريم وهيَ في غرفة مُغْلق بابُها عليها محجوبةٌ عن الخلْق ، فتمثل لها في صورة خَلْقِ بشرٍ سويٍ ، فقالت له : (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) [مريم : ١٨].
وقال أبو الهيثم : السّوِيّ : فَعيل في معنى مُفْتَعِل ، أي : مستوٍ.
قال : والمستوي : التامُّ في كلام العَرَب الذي قد بلغ الغاية في شبابه وتمامِ خلقه وعَقْلِه.
قال : ولا يقال في شيءٍ من الأشياء : استوَى بنفسه حتى يُضَمَّ إلى غيره ، فيقال : استوى فلان وفلان إلا في معنى بلوغ الرجل الغاية ، فيقال : استوى.
قال : واجتمع مثله.
وقول الله جلّ وعزّ : (مَكاناً سُوىً) [طه : ٥٨] ، و (سِوىً).
قال الفراء : أكثر كلامِ العرب بالفَتْح إذا كان في معنى نَصَف وعَدْل فتحُوه ومدُّوه.
قال : والكسر والضم مع القصر عربيّان ، وقد قرىء بهما.
وقال الليث : تصغير سواءٍ الممدود : سُوَيّ.
وقال أبو إسحاق : (مكانا سوي) ويقرأ بالضم ، ومعناه منصفا ، أي : مكانا في النصف فيما بيننا وبينك. وقد جاء في اللغة سواء بالفتح فهذا المعنى. تقول : هذا مكان سواء أي : متوسط بين المكانين ، ولكن لم يقرأ إلا بالقصر : سُوىً وسِوًى.
أبو عُبيد عن الفراء : أسْوى الرجلُ : إذا كان خَلْق ولَدِه سويّا ، وخُلُقه أيضا.
ويقال : كيف أَمْسَيْتُم؟ فيقولون : مُسْوون صالحون ، يريدون : أنّ أولادنا ومواشينَا سَوية صالحة.
ورَوَى أبو عبيد بإسناده عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي أنه قال : ما رأيتُ أحدا أَقرأَ من عليّ ، صَلَّينا خَلْفَه فأَسْوَى بَرْزَخا ، ثمّ رَجَع إليه فقرأه ، ثم عاد إلى الموضع الّذي كان انتهى إليه.
قال أبو عبيد : قال الكسائي : أسْوَى : يَعْنِي أسْقَط وأَغفَل ؛ يقال : أَسَوَيْتُ الشيءَ : إذا تَركتَه وأغْفَلْتَهُ.
وقال الأصمعيّ : السَّواءُ ممدود : ليلةُ ثلاثَ عشرة ، وفيها يَستَوِي القمر.
ويقال نزَلنَا في كلَاءٍ سَيٍ ، وأَنْبَطَ ماءً سِيّا : أي : كثيرا واسعا.