ويجتمع الكلب والغزال فى الحرم ، فإذا جازا من الحرم خطوة سعى الغزال وسعى الكلب فى طلبه فإن لحقه عقره ، وإن عادا إلى الحرم لم يكن له عليه سلطان.
وكذلك الطيور والصيد لا ينفّر من الحرم ولا يستوحش.
ومنها : الغيث إذا كان فى ناحية الركن اليمانى كان الخصب باليمن ، وإذا كان فى ناحية الشام كان الخصب بالشام ، وإذا عمّ البيت كان الخصب عاما.
ومنها : أن الجمار مع كثرتها تمتحق وترى على قدر واحد وإلا فينبغى أن يصير المرمى مثل أبى قبيس أو أحد ، ويروى أنه من قبلت حجته رفعت جمرته.
ومنها : أن الذباب لا يقع على الطعام فى أيام منى بل يؤكل العسل ونحوه فلا يحوم عليه مع كثرة العفونات الجالبة ، لكثرة الذباب من الدماء والأثقال الملقاة فى الطرقات ، فإذا انقضت إيام الموسم تهافت الذباب على كل طعام حتى لا يطيب للطاعم طعام.
وتلك الآيات ظاهرة لمن اعتبرها ، وعبرة مبينة لمن أمعن النظر فيها.
وعن أبى الدرداء ، قال : قلنا : يا رسول الله إن أمر منّى لعجيب ؛ هى ضيقة فإذا نزلها الناس اتسعت. فقال صلىاللهعليهوسلم : «إن منى كمثل الرحم إذا حملت وسّعها الله تعالى» (١).
وذكر النقاش فى مناسكه : أن وادى مكة يتسع فى كل سنة فى أيام الموسم وكذلك منى وعرفة (٢).
وعن أبى الطفيل قال : سمعت ابن عباس رضى الله عنه سئل عن منى ، وقيل له : عجبا لضيقه فى غير الحج ؛ فقال ابن عباس : إن منى يتسع بأهله كما تتسع الرحم للولد (٣).
قال : وحدثنى أبو عبد الله ، عن الكلبى ، أن ابن عباس رضى الله عنه قال : إنما سميت منى ؛ لأن جبريل ـ عليهالسلام ـ حين أراد أن يفارق آدم عليهالسلام قال
__________________
(١) القرى (ص : ٥٤١).
(٢) أخبار مكة للأزرقى ٢ / ١٧٩ ، وأخبار مكة للفاكهى ٤ / ٢٧٧ ، ٢٧٨.
(٣) أخرجه : الأزرقى فى أخبار مكة ٢ / ١٧٩ من طريق يحيى بن محمد عن سليم ، والفاكهى ٤ / ٢٧٨.