وعن جعفر بن سليمان قال : خرجت مع مالك بن دينار إلى مكة ، فلما أحرم أراد أن يلبى سقط ثم أفاق ، فأراد أن يلبى فسقط ثم أفاق ، فأراد أن يلبى فسقط.
فقلت له : ما لك يا أبا يحيى؟ قال : أخشى أن أقول : لبيك فيقول : لا لبيك ولا سعديك.
وقال يحيى بن الجلاء : كنت بذى الحليفة (١) وأنا أريد الحج والناس يحرمون ، فرأيت شابا قد صب عليه الماء يريد الإحرام وأنا أنظر إليه ، فقال : يا رب ، أريد أن أقول لبيك اللهم لبيك وأخشى أن تجيبنى : لا لبيك ولا سعديك ، وبقى يردد هذا القول مرات وإنا أسمع عليه ، فلما أكثر قلت له : فليس لك بد من الإحرام ، فقال : أخشى إن قلت : لبيك أجابنى بلا لبيك ، قلت : أحسن ظنك بالله وقل معى لبيك ، فقال : لبيك اللهم وطوّلها وخرجت نفسه مع قوله اللهم وسقط ميتا على الأرض (٢) ، رحمه الله.
ويروى عن الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ وقد قام بعرفة ، فشغله البكاء عن الدعاء ، فلما كادت الشمس أن تغرب قال : واسوأتاه منك وإن غفرت (٣).
ووقف بعض الخائفين بالموقف على قدم الإطراق والحياء ، فقيل له : لم لا تدعو؟ قال : ثمّ وحشة ، قيل : فهذا يوم العفو عن الذنوب ، فبسط يديه ووقع على الأرض ميتا (٤) ، رحمه الله.
__________________
(١) ذو الحليفة : قرية بينها وبين مكة (٢٠٠) ميل ، وهى ميقات أهل الشام ومصر والمغرب.
(٢) الخبر فى : صفة الصفوة ٤ / ٣٢٩ ، مثير الغرام الساكن (ص : ١٦٥) ، مختصر تاريخ دمشق ٢٢ / ١٥٢ ، تاريخ بغداد ٥ / ٢٦٧ مطولا.
(٣) أخرجه : البيهقى فى الشعب (٤١٩٦) ، مثير الغرام الساكن (ص : ١٩١).
(٤) صفوة الصفوة ٤ / ٣٣٠ ، مثير الغرام الساكن (ص : ١٩١) مطولا.