هاهنا بيتا لله تعالى يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله تعالى لا يضيع أهله (١).
وفى الحديث أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : «يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم ـ أو قال : لو لم تغرف من الماء ـ لكانت زمزم عينا معينا» (٢).
ثم إن جرهما دفنوا زمزم حين ظعنوا من مكة ، ولم تزل داثرة حتى قام عبد المطلب فتولى سقاية البيت ورفادته ، فأتى فى منامه فقيل له : احفر ظبيه ، فقال : وما ظبيه ، ثم أتى من الغد فقيل له : احفر برّة (٣) ، فقال : وما برّة ، ثم أتى من الغد فقيل له : احفر المضنونة (٤) ، فقال وما المضنونة؟ فأتى من الغد فقيل له : احفر زمزم ، فقال : وما زمزم؟ قال : التى لا تنزح (٥) ولا تذم (٦) تسقى الحجيج الأعظم وهى شرف لك ولولدك ، فغدا عبد المطلب بمعوله ومسحاته ومعه ابنه الحارث فجعل يحفر ثلاثة أيام حتى بدا له الطوى فقال : الله أكبر هذا طوى إسماعيل ، ثم حفر حتى بدا الماء وانفجر (٧).
فى ذكر ذرع زمزم
اعلم أن ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها ستون ذراعا ، وفى قعرها ثلاثة عيون : عين حذاء الركن الأسود ، وعين حذاء أبى قبيس والصفا ، وعين حذاء المروة.
وذرع تدوير فم زمزم أحد عشر ذراعا ، وسعة فم زمزم ثلاثة أذرع وثلثا ذراع (٨).
__________________
(١) انظر : سبل الهدى والرشاد ١ / ١٧٣.
(٢) أخرجه : البخارى (المساقاة : باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه ، ٣ / ١١٢ بلفظه.
(٣) برّة : سميت بذلك لكثرة منافعها وسعة مائها.
(٤) المضنونة : سميت بذلك لأنها ضن بها على غير المؤمنين فلا يتضلع منها منافق.
(٥) أى : لا يفنى ماؤها.
(٦) أى : لا تعاب (النهاية : ٢ / ١٦٩) ، ورده السهيلى. وقال الخشنى : أى : لا توجد قليلة الماء ؛ يقال : أذممت البئر إذا وجدتها ذمّة ، أى : قليلة الماء.
(٧) أخرجه : البيهقى فى دلائل النبوة ١ / ٩٣ ، الأزرقى فى أخبار مكة ٢ / ٤٤ ، السيرة الشامية ١ / ٢١٨ ، السيرة لابن هشام ١ / ١٤٥.
(٨) أخبار مكة للأزرقى ٢ / ١٠٢ ـ ١٠٤ ، أخبار مكة للفاكهى ٢ / ٧٩ ـ ٨١.