ما ذكرنا ؛ لمتابعة النبى صلىاللهعليهوسلم. ثم يروح إلى عرفة ملبيا وينزل بها فى أى موضع شاء وأحب ؛ ولكن يجتهد أن ينزل بقرب الجبل فإنه الأفضل عندنا (١).
وعند الشافعى : النزول بعرفة بوادى نمرة (٢) أفضل ؛ لما روى : أن النبى صلىاللهعليهوسلم نزل نمرّة وأمر بقبة من شعر. وروى : من أدم حمراء (٣). ولنا أن عرنة ليست من الموقف ، والجبل وحواليه من الموقف وأنه موضع أداء القربات والطاعات ومجمع العباد والرجال ؛ فكان النزول به أولى ، ونزول النبى صلىاللهعليهوسلم فى تلك السنة بعرنة كان بحكم الاتفاق ؛ لأنه كان قاصدا به.
فإذا زالت الشمس اغتسل إن أمكنه اقتداء برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ووقف عند الصخرات السود الكبار المفترشة ؛ وهو موضع وقوف النبى صلىاللهعليهوسلم وموقف آدم عليهالسلام والأنبياء من بعده عليهمالسلام (٤).
ويقف هنالك إلى أن تغرب الشمس باكيا خاشعا خائفا ملبيا مكبرا مهللا مصليا على النبى صلىاللهعليهوسلم داعيا لنفسه ولجميع المسلمين ، وأفضل الدعاء المروى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى هذا اليوم : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير» (٥).
وجاء فى فضيلة هذا الدعاء يوم عرفة بأسانيد صحيحة متصلة إلى النبى صلىاللهعليهوسلم.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس فى الوقفة بعرفة قول ولا عمل أفضل من هذا الدعاء ، فأول من ينظر الله إليه صاحب هذا الدعاء».
وقال بعض أصحابنا وأكثر العلماء رحمهم الله : ينبغى أن يكون أكثر دعاء الحاج بعرفة يوم عرفة الدعاء الذى رواه علىّ رضى الله عنه عن النبى عليهالسلام
__________________
(١) حاشية الدسوقى ٢ / ٤٤ ، هداية السالك ٣ / ٩٧٩.
(٢) نمرة ناحية بعرفة ، وقيل : هى الجبل الذى عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف.
(٣) الحديث فى : صحيح مسلم ٤ / ٧٢.
(٤) ودليل ذلك ما جاء فى صحيح مسلم ٤ / ٤١ ، ٤٢ فى حديث جابر الطويل.
(٥) أخرجه : البيهقى فى السنن ٥ / ١١٧ ، الترمذى فى السنن (٣٥٨٥) ، أحمد فى مسنده ٢ / ٢١٠.