السلام رخص للحائض ترك الوداع ولم يأمرهن بإقامة دم ولا شىء مقامه ، والنفساء كالحائض فى ذلك (١).
وللشافعى فيه قولان :
أحدهما : أنه غير واجب ؛ وهو قول مالك اعتبارا بالمكى ، وعلى هذا لو تركه لا يجب عليه دم (٢).
وفى قوله الآخر : هو واجب مثل قولنا ، ولو تركه بغير عذر يجب عليه دم.
فإذا فرغ من الطواف يصلى ركعتين خلف المقام إن تيسر له ، وإلا فى غيره من المسجد. ثم يأتى زمزم ـ على المشهور من الروايات ـ وقيل : يرجع إلى الملتزم ثم يأتى إلى زمزم ، والأول هو الأصح. ويشرب من مائها ، وإن نزع الماء بنفسه من غير أن يستعين بأحد ، ثم يشرب منه ويمسح وجهه ورأسه وجسده كان ذلك أحسن ؛ لما روى أن النبى صلىاللهعليهوسلم أتى زمزم ونزع لنفسه بدلو ولم ينزع معه أحد ، فشرب ، ثم أفرغ ماء الدلو عليه (٣).
ويستحب أن يستقبل البيت عند الشرب ويتنفس فيه ثلاث مرات ، ويرفع بصره فى كل مرة وينظر إلى البيت ، ويقول فى كل مرة : بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله ، ثم يقول فى المرة الأخيرة بعد الصلاة : اللهم إنى أسألك رزقا واسعا ، وعلما نافعا ، وشفاء من كل داء وسقم ، يا أرحم الراحمين ، ثم يمسح به وجهه ورأسه ويصب عليه إن تيسر له لما ذكرنا.
ثم يرجع إلى الملتزم وهو ما بين الركن والباب ، فيضع وجهه وصدره عليه ، ويتعلق بأستار الكعبة ، ويتشبث بها ساعة كالمتعلق بطرف ثوب مولاه يتشفعه فى أمر عظيم ، ثم يتضرع إلى الله تعالى بالدعاء بما أحب ، والأشهر أن يقول : اللهم إن هذا بيتك الذى جعلته مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ، الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لو لا أن هدانا الله ،
__________________
(١) ومن ذلك الحديث الذى أخرجه : البخارى ٢ / ١٨٠ (باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت).
(٢) الأم ٢ / ١٨٠ ، المجموع ٨ / ١٩٩ هداية السالك ٣ / ١٢٣٣.
(٣) شرح اللباب (ص : ١٧٠) ، هداية السالك ٣ / ١٢٣٩.