اللهم فكما هديتنا لذلك فتقبله منا ، ولا تجعل هذا آخر العهد ببيتك الحرام ، وإن جعلته آخر العهد فعوضنى عنه الجنة ، وارزقنى العود إليه وإلى زيارة قبر نبيك صلىاللهعليهوسلم برحمتك يا أرحم الراحمين.
وأما عند الشافعى فالمنقول عنه أن يقول عند الوداع بين الركن والباب وهو الملتزم (١) : اللهم إن هذا البيت بيتك ، والعبد عبدك وابن عبدك ، حملتنى على ما سخرت لك من خلقك ، وسيرتنى فى بلادك حتى بلغتنى بنعمتك ، وأعنتنى على قضاء نسكك ، فإن كنت رضيت عنى فازدد عنى رضى وإلا فمنّ الآن قبل تناء عن بيتك ، وهذا وقت انصرافى ، إن أذنت لى غير مستبدل بك ولا بنبيك محمد صلىاللهعليهوسلم ، ولا راغب عنك ولا عن نبيك ، اللهم فاصحبنى العافية فى بدنى ، والعصمة فى دينى ، وأحسن منقلبى ، وارزقنى طاعتك ما أبقيتنى ، واجمع لى خيرى الدنيا والآخرة ، إنك على كل شىء قدير.
ويستحب أن يدعو فى الملتزم بدعاء آدم عليهالسلام ؛ لما روى عن عبد الله بن أبى سليمان ـ مولى بنى مخزوم ـ أنه قال : طاف آدم عليهالسلام بالبيت سبعا بالليل حين نزل من الجنة ، ثم صلى تجاه باب الكعبة ركعتين ، ثم أتى الملتزم فقال : اللهم إنك تعلم سرى وعلانيتى فاقبل معذرتى ، وتعلم ما فى نفسى وما عندى فاغفر لى ذنوبى ، وتعلم حاجتى فأعطنى سؤلى ، اللهم إنى أسألك إيمانا يباشر قلبى ، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبنى إلا ما كتبت علىّ ، والرضا بما قضيت لى. فأوحى الله تعالى إليه : يا آدم قد دعوتنى بدعوات فاستجبتها لك ، ولن يدعونى بها أحد من أولادك إلا كشفت عنه غمومه ، وكففت عليه ضيعته ، ونزعت الفقر من قلبه ، وجعلت الغنى بين عينيه ، وتجرت له من وراء تجارة كل تاجر ، وأتته الدنيا وهى راغمة وإن كان لا يريدها (٢).
قال : فمذ طاف آدم عليهالسلام كانت سنة الطواف.
__________________
(١) هذا الدعاء ذكره الشافعى فى الإملاء ، وفى مختصر الحج. واتفق الأصحاب على استحبابه.
وقد ورد هذا النص أيضا فى المجموع ٨ / ٢٠٢ ، هداية السالك ٣ / ١٢٣٩.
(٢) أخبار مكة للأزرقى ١ / ٤٤. عن عبد الله بن أبى سليم ، ولم يسنده عبد الله إلى أحد ، فالله أعلم بمصدره.