ثم ينصرف من البيت ويكن بصره إلى البيت حتى يغيب عنه ليكون آخر عهده به.
وفى رواية : يأتى زمزم ويشرب منها ـ على ما ذكرنا ـ ثم ينصرف من زمزم نحو باب المسجد ـ وهو باب الحزورة ـ وباب الوداع من الأسفل ، ويخرج من أسفل مكة ؛ لما روى : أن النبى صلىاللهعليهوسلم دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها (١). وهو باب بنى شيبة.
ويقول حالة الانصراف والرجوع : آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ولرحمته قاصدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (٢).
وإن كان حج قبل هذا حجة الإسلام فقد فاز فوزا عظيما وأدى فرضه والباقى له تطوع.
وعن ابن عباس رضى الله عنه أن الأقرع بن حابس سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : الحج فى كل سنة أو مرة واحدة؟ قال : «بل مرة واحدة فمن زاد فتطوع».
وحكى الفضيل بن عياض عن شيوخ العرب : أن قوما أتوه فأعلموه أن جماعة من أهل الزيغ قتلوا رجلا وأضرموا عليه النار طول الليل فلم تعمل فيه شيئا وهو أبيض البدن. قال : لعله حج ثلاث حجات؟ قالوا : نعم ، فقال : حدثت أن من حج حجة واحدة أدى فرضه ، ومن حج حجة ثانية داين ربه ، ومن حج ثلاث حجج حرم الله شعره وبصره على النار.
وقال النهروانى : بلغنى أن وقادا لأتون حمام أتى بسلسلة عظام جمل ليوقد بها ، قال : فألقيتها فى المستوقد فخرجت منه ، ثم ألقيتها ثانية فعادت فخرجت ، فعدت فألقيتها الثالثة فعادت فخرجت بشدة حتى وقعت على صدرى ، وإذا
__________________
(١) الحديث الدال على ذلك أخرجه : البخارى ٢ / ١٤٤ ، ومسلم ٤ / ٦٢ (الحج : باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها من الثنية السفلى).
(٢) أخرجه : البخارى ٣ / ٧ (العمرة : ما يقول إذا رجع) ، مسلم ٤ / ١٠٥ (الحج : ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره).