سبيل التعظيم صريحا ، ولم يذكر مسجد المدينة على تلك الصفة (١).
وحجة الأئمة الباقين قوله عليهالسلام : «صلاة فى مسجد المدينة بعشرة ألاف صلاة ، وصلاة فى المسجد الأقصى بألف صلاة ، وصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف صلاة» (٢).
فلولا أن مكة أفضل لما جعلت الصلاة بالمدينة بعشرة آلاف وبمكة بمائة ألف.
وقد تقدم ما يدل عليه من الأحاديث أو نقول الرواية الصحيحة : «فأنزلنى إلى أحبّ البقاع إلىّ ، فأنزله بالمدينة».
وأما الجمع فيما خصّ الله تعالى به الحرمين الشريفين ـ عظم الله قدرهما ـ من الشرف فى كتبه المنزلة على رسله وعلى سيدنا محمد المصطفى صلىاللهعليهوسلم : قال الله تعالى : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ)(٣) الآية. وقال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «مسجدى هذا الذى أسس على التقوى» (٤).
وقال الله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ)(٥).
وقال تعالى : (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها)(٦). يعنى سائر البلدان ؛ فمن مكة كان أصل الإنذار ، ومن المدينة تم.
ومن مكة دحيت الأرض أولا ، ومن المدينة افتتحت بالإسلام آخرا. وفى مكة مولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وفى المدينة قبره. ومن مكة بعث فى الدنيا رحمة للعالمين ،
__________________
(١) هداية السالك ١ / ٤٨.
(٢) لم أعثر على من أخرجه بهذا النص ؛ وإنما ربما يقصد المؤلف أن كل صلاة بعشر حسنات فتكون الصلاة فى مسجده بعشرة آلاف حسنة ؛ وذلك تحقيقا لقوله صلىاللهعليهوسلم : «صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة فى مسجدى» (أخرجه أحمد ٤ / ٥).
(٣) سورة التوبة : آية ١٠٩.
(٤) أخرجه : مسلم ٤ / ١٢٦ (باب بيان أن المسجد الذى أسس على التقوى).
(٥) سورة آل عمران : آية ٩٦.
(٦) سورة الأنعام : آية ٩٢.