أذابه الله كما يذوب الملح بالماء» (١).
وعن معقل بن يسار ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «المدينة مهاجرى وفيها مضجعى وفيها مبعثى ، حقيق على أمتى حفظ جيرانى ما اجتنبوا الكبائر ؛ من حفظهم كنت له شفيعا يوم القيامة ، ومن لم يحفظهم سقى من طينة الخبال» (٢) قيل لمعقل : وما طينة الخبال؟ قال : عصارة أهل النار (٣).
وعن سالم بن عبد الله بن عمر قال : سمعت أبىّ يقول : سمعت عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ يقول : اشتد الجهد بالمدينة وغلا السعر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اصبروا يا أهل المدينة وأبشروا ؛ فإنى قد باركت على طعامكم ومدّكم ، كلوا جميعا ولا تفرقوا ؛ فإن طعام الرجل يكفى الاثنين. فمن صبر على لأوائها وشدتها كنت له شفيعا ، وكنت له شهيدا يوم القيامة ، ومن خرج عنها رغبة عما فيها أبدل الله ـ عزّ وجلّ ـ فيها من هو خير منه ، ومن بغاها أو كادها بسوء أذابه الله تعالى كما يذوب الملح فى الماء» (٤).
وأما المجاورة فيها : فعلى ما ذكرنا فى مجاورة مكة المشرفة ؛ فإن كان يقدر على حفظ الحرمة والتوقير لروضة النبى صلىاللهعليهوسلم والوفاء بحرمتها كما يجب من غير إخلال بالحرمة وإفضاء إلى التبرم فذلك فوز عظيم وفضل جسيم ، وذلك الفضل من الله يؤتيه من يشاء ، على ما تقدم من الأحاديث فى فضائل الإقامة فيها. ومن لا يقدر على المحافظة بحقها والصبر على لأوائها فترك الإقامة له فيها أولى.
وقد قال صلىاللهعليهوسلم : «لا يصبر على لأواء المدينة أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة» (٥).
وفى فضائلها أخبار كثيرة قد تقدم بعضها وسيأتى بعضها فى موضعه ، فاكتفينا هنا على هذه الأحاديث ؛ فإن فيها كفاية وغنية للمؤمن.
__________________
(١) أخرجه : مسلم ٤ / ١٢١ (باب من أراد أهل المدينة بسوء).
(٢) أخرجه : البزار بسند حسن ، وعزاه الحافظ الشامى فى السيرة ٣ / ٤٤٧ إلى أبى عمرو بن السماك ، وأخرجه : ابن النجار مختصرا.
(٣) النهاية ١ / ٢٨٠.
(٤) أخرجه مسلم ٤ / ١١٩ (باب الترغيب فى سكنى المدينة).
(٥) أخرجه : مسلم ٣ / ٤٢٩.