عزّ وجلّ. وحق البكاء لمن لم يعلم ما جرى له من الحكم فى سابق علم الله فى الأزل : أبا لسعادة جرى له القلم أم بالشقاوة.
ثم يقول : اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد ، اللهم لا تجعل هذا آخر العهد بنبيك ، وحط أوزارى بزيارته ، وأصحبنى فى سفرى هذا البر والتقوى ، ويسر لى رجوعا إلى أهلى يا أرحم الراحمين.
وينبغى أن يتصدق على جيران النبى صلىاللهعليهوسلم بما تيسر له ؛ لأن الإحسان إليهم من أسنى الرغائب وأسمى القرب. قال النبى صلىاللهعليهوسلم : «أما نفقاتهم فيخلفها الله تعالى فى دار الدنيا قبل أن يخرجوا منها ، وأما الألف فالألف مدخر فى الآخرة ، والذى نفسى بيده إن الدرهم الواحد أثقل فى الميزان من جبلكم هذا» وأشار إلى أبى قبيس.
وأنشد بعض الأكابر عند توديعه وهو يبكى :
أحنّ إلى زيارة حىّ ليلى |
|
وعهدى من زيارتها قريب |
وكنت أظنّ قرب العهد يطفى |
|
لهيب الشوق فازداد اللهيب |
وينبغى أن يستصحب معه هدية لأهله وأولاده وتحفة لأحبابه وأصحابه من أهله وأهل بلده ولو بشىء يسير لأنه منصرف من ضيافة الكريم ، وآت من ساحة ذى الإحسان الجسيم وحضرة [ذى] المن العظيم.
ويروى عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا قدم أحدكم من سفره فليهد إلى أهله ، وليطرفهم ولو كانت حجارة» (١).
وإذا أخذ فى الطريق ينبغى أن يكبر كلما علا شرفا من الأرض ثلاث تكبيرات ، ثم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شىء قدير ، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه
__________________
(١) أخرجه : الدارقطنى ٢ / ٣٠٠ ، الديلمى فى الفردوس ١ / ٢٩٩ ، ومعنى يطرفهم : أى يأتيهم بشىء جديد. ولو كانت حجارة : فسّرت بحجارة الزناد ، أى : شىء فيه جدة ولو يسيرا ؛ جبرا لخواطرهم ما أمكن ، ولتشوقهم إلى ما يقدم به.