وقال مجاهد : أثر قدميه فى المقام آية بينة.
قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً). يعنى حرم مكة ، أى : إذا دخله الخائف يأمن من كل سوء.
قال ابن عباس : من عاذ بالبيت أعاذه البيت.
وقال القاضى أبو يعلى : لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر ؛ فتقديره : من دخله فأمّنوه. وهو عام فيمن جنا فيه قبل دخوله وفيمن جنا فيه بعد دخوله ؛ إلا أن الإجماع انعقد على أن من جنا فيه لا يؤمن ؛ لأنه هتك حرمة الحرم ورد الأمان فبقى حكم الآية فيمن جنا خارجا منه ثم لجأ إلى الحرم.
وقد اختلف الفقهاء فى ذلك ؛ قال أحمد فى رواية المروزى : إذا قتل أو قطع يدا أو أتى حدا فى غير الحرم ثم دخله لم يقم عليه الحد ولم يقتص منه ، ولكن لا يبايع ولا يشارى ، ولا يؤاكل حتى يخرج ؛ فإن فعل شيئا من ذلك فى الحرم استوفى منه.
وقال أحمد فى رواية : إذا قتل خارج الحرم ثم دخله لم يقتل ، وإن كانت الجناية دون النفس فإنه يقام عليه الحد ؛ وبه قال أبو حنفية وأصحابه ، رحمهم الله.
وقال مالك والشافعى رضى الله عنهم : يقام عليه جميع ذلك فى النفس ، وفيما دون النفس.
وفى قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) دليل على أنه لا يقام عليه شىء من ذلك ، وهو مذهب ابن عمر وابن عباس وعطاء ، والشعبى وسعيد بن جبير وطاووس.
وقيل : من دخله فى عمرة القضاء مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان آمنا.
وقيل : من دخله لقضاء النسك معظما لحرمته عارفا لحقه متقربا إلى الله تعالى كان آمنا يوم القيامة.
وقيل : ومن دخله كان آمنا ، أى : آمنا من النار ؛ وفى معنى هذا عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من دخل البيت دخل فى حسنة وخرج من سيئة ، وإذا خرج خرج مغفورا له» (١).
__________________
(١) أخرجه : البيهقى فى سننه ٥ / ١٥٨ ، والطبرانى فى الكبير ، والبزار بنحوه ، وفى سنده : عبيد الله