والثانى : أنها قرية أوسع الله على أهلها حتى كانوا يستنجون بالخبز ، فبعث الله عليهم الجوع ؛ قاله الحسن.
وأما تفسير الآية : فقوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً) يعنى مكة كانت آمنة : أى ذات أمن لا يهاج أهلها ولا يغار عليهم. مطمئنة : يعنى هادئة بأهلها لا يحتاجون إلى الانتقال عنها للانتجاع كما كان يحتاج إليه سائر العرب.
يأتيها رزقها رغدا : يعنى واسعا من كل مكان ؛ يعنى يحمل إليها الرزق والميرة من البر والبحر ، نظيره : (يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) وذلك بدعوة إبراهيم ، وهو قوله : (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ)(١).
وقوله تعالى لنبينا صلىاللهعليهوسلم : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)(٢).
وسبب نزول هذه الآية : أن النبى صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلى الكعبة ، فلما هاجروا إلى المدينة أحب أن يستقبل بيت المقدس ؛ يتألف بذلك اليهود.
وقيل : أن الله تعالى أمره بذلك ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه إذا صلى إلى قبلتهم مع ما يجدون من نعته وصفته فى التوراة ، فصلى إلى بيت المقدس بعد الهجرة ستة عشر أو سبعة عشر شهرا ... (٣)
وقال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ : معاد أو ملجأ.
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة : «إن هذا البلد حرّمه الله تعالى إلى يوم القيامة يوم خلق السموات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة ، وإنه لم يحلّ القتال فيها لأحد قبلى ، ولم يحل لى إلا ساعة من نهار ، وهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلا من عرّفها ، ولا يختلى خلاه» فقال العباس :
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٢٦.
(٢) سورة البقرة : آية ١٤٤.
(٣) توجد من هنا ورقة مطموسة لم نستطع قراءتها.