يا رسول الله ، إلا الإذخر ؛ فإنه لقينهم ولبيوتهم. فقال : «إلا الإذخر».
معنى الحديث : أنه لا يحل لأحد أن ينصب القتال والحرب فى الحرم ، وإنّما أحل ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم فتح مكة فقط ، ولا يحل لأحد بعده.
قوله : ولا يعضد شوكه : أى لا يقطع شوك الحرم ؛ وأراد به ما لا يؤذى. فأما المؤذى منه كالعوسجة فلا بأس بقطعه عند الشافعى خلافا لأبى حنيفة رحمه الله.
وقوله : ولا ينفر صيده : أى : لا يتعرض له بالاصطياد ولا يهاج.
وقوله : ولا يلتقط لقطته إلا من عرّفها أى : الذى ينشدها ، والنشد رفع الصوت بالتعريف ، واللقطة : فى جميع الأرض لا تحل إلا لمن يعرفها حولا ؛ فإن جاء صاحبها أخذها وإلا انتفع بها الملتقط بشرط الضمان. وحكم مكة فى اللقطة أن يعرفها على الدوام بخلاف غيرها فإنه محدود لسنة ، هذا عند الشافعى. وعند أبى حنيفة يستوى حكم لقطة الحل والحرم ، وله تفصيل فيه.
وقوله : ولا يختلى خلاه : الخلا مقصور : الرطب من النبات الذى يرعى ، وقيل : هو اليابس من الحشيش ، وخلاه : قطعه.
وقوله : لقينهم : القين الحداد.
وقوله تعالى : (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ)(١) أى : أمرناهما وألزمناهما وأوصينا إليهما. وقيل : إنما سمى إسماعيل ؛ لأن إبراهيم كان يدعو الله تعالى أن يرزقه ولدا ، ويقول فى دعائه : اسمع يا إيل ، وإيل بلسان السريانية هو الله تعالى ، فلما رزق الولد سماه به.
وقوله : (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ) : يعنى الكعبة أضافه إليه تشريفا وتفضيلا وتخصيصا ، أى : ابنياه على الطهارة والتوحيد. وقيل : طهراه من سائر الأقذار والأنجاس. وقيل : طهراه من الشرك والأوثان وقول الزور ؛ والزور من الزور والأزوار وهو الانحراف. وقيل : قول الزور قولهم : هذا حلال وهذا حرام وما أشبه ذلك من افترائهم. وقيل : شهادة الزور. وقيل : الكذب والبهتان.
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٢٥.