الصواب ، والله اعلم.
وقوله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ)(١) وفى سبب نزولها على اختلاف الروايات ثلاثة أقوال :
أحدها : أن رجالا من الأنصار ممن كان يهلّ لمناة فى الجاهلية ـ ومناة اسم صنم كان بين الصفا والمروة ـ قالوا : يا رسول الله ، إنا كنا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة ، فهل علينا حرج أن نطوف بهما الآن؟ فنزلت هذه الآية (٢). رواه عروة عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ. وقالت عائشة : «قد سنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم الطواف بهما فليس لأحد أن يدع الطواف بهما». أخرجاه فى الصحيحين» (٣).
والثانى : أن المسلمين كانوا لا يطوفون بين الصفا والمروة ؛ لأنه كان على الصفا تماثيل وأصنام فنزلت هذه الآية ، رواه عكرمة عن ابن عباس.
وقال الشعبى : كان وثن على الصفا ووثن على المروة تدعيان بإساف ونائلة ، وكان فى الجاهلية يسعون بينهما ويمسحونهما ، فلما جاء الإسلام كفوا عن السعى بينهما. فنزلت هذه الآية.
والثالث : أن الصحابة قالوا للنبى صلىاللهعليهوسلم : إنا كنا نطوف فى الجاهلية بين الصفا والمروة ، وإن الله تعالى ذكر الطواف بالبيت ولم يذكره بين الصفا والمروة ، فهل علينا حرج أن لا نطوف بهما؟ فنزلت هذه الآية (٤). رواه الزهرى عن أبى بكر بن عبد الرحمن عن جماعة من أهل العلم.
وذكر ابن إسحاق فى كتاب السيرة : أن إسافا ونائلة كانا بشرين فزنيا داخل الكعبة ، فمسخا حجرين ، فنصباهما قريش تجاه الكعبة ليعتبر بهما الناس ، فلما طال عهدهما عبدا ثم حوّلا إلى الصفا والمروة ، ولهذا يقول أبو طالب فى قصيدته :
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٥٨.
(٢) القرى (ص : ٣٦١).
(٣) أخرجه : البخارى (باب وجوب السعى بالصفا والمروة ٢ / ١٥٧ ـ ١٥٨) ، ومسلم (باب : بيان أن السعى بين الصفا والمروة ركن) ٤ / ٦٨ ـ ٧٠.
(٤) أخرجه : المحب الطبرى فى القرى (ص : ٣٦١) وعزاه للبخارى ومسلم ، وقال : أخرجاه بطرقه.