وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم |
|
بمقضى سيول من إساف ونائل(١) |
الصفا فى اللغة : الحجارة الصلبة الصلدة التى لا تنبت شيئا ، وهو جمع ، واحده صفاة وصفى مثل حصاة وحصى.
والمروة : الحجارة اللينة وجمعها مرو ومروات ، وإنما عنى الله تعالى بهما الجبلين المعروفين بمكة فى طرفى المسعى ، ولذلك أدخل فيهما الألف واللام.
وشعائر الله تعالى : إعلام دينه ، وأصلها من الإشعار وهو الإعلام ؛ واحدتها شعيرة. وكل ما كان معلما لقربات يتقرب به إلى الله تعالى من صلاة ودعاء وذبيحة فهو شعيرة من شعائر الله تعالى.
ومشاعر الحج : معالمه الظاهرة للحواس ، ويقال : شعائر الحج ، فالمطاف والموقف والمنحر كلها شعائر. والمراد بالشعائر هاهنا : المناسك التى جعلها الله تعالى إعلاما لطاعته ، فالصفا والمروة منها حيث يسعى بينهما.
وقال الله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) أى : فرغتم من حجكم وعبادتكم ، وذبحتم نسائككم أى ذبائحكم. وذلك بعد رمى جمرة العقبة ، والحلق والاستقرار بمنى. (فَاذْكُرُوا اللهَ) يعنى : بالتحميد والتمجيد والتهليل والتكبير والثناء عليه.
(كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) : قال أهل التفسير : كانت العرب فى الجاهلية إذا فرغوا من حجهم وقفوا بين المسجد بمنى وبين الجبل ـ وقيل : عند البيت ـ فيذكرون مفاخر آبائهم ومآثرهم وفضائلهم ومحاسنهم ومناقبهم ، فيقول أحدهم : كان أبى كبير الجفنة رحب الفناء يقرى الضيف وكان كذا وكذا يعد مفاخره ومناقبه ، ويتناشدون فى ذلك الأشعار ، ويتكلمون بالمنثور والمنظوم من الكلام الفصيح ، وغرضهم بذلك الشهرة والسمعة والرفعة بذكر مناقب سلفهم وآبائهم ، فلما منّ الله تعالى عليهم بالإسلام أمرهم أن يكون ذكرهم لله تعالى لا لآبائهم ، وقال : (فَاذْكُرُونِي) فأنا الذى فعلت ذلك بكم وبهم ، وأحسنت إليهم وإليكم.
قال ابن عباس : معناه فاذكروا الله كذكر الصبيان الصغار الآباء ؛ وذلك أن
__________________
(١) السيرة لابن هشام ١ / ٨٣ ، وقد قال أبو طالب هذا الشعر يحلف بإساف ونائلة حين تحالفت قريش على بنى هاشم فى أمر النبى صلىاللهعليهوسلم وهذا البيت قبله :
أحضرت عند البيت رهطى ومعشرى |
|
وأمسكت من أثوابه بالوصائل |