الهند إلى مكة ماشيا ، وقيض الله تعالى له ملكا يدله على البيت ، فحج البيت وأقام المناسك ، فلما فرغ تلقته الملائكة ، وقالوا : برّ حجك يا آدم ؛ لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفى عام (١).
قوله : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) هو أساس البيت ، واحدتها قاعدة ، وأما قواعد النساء فواحدتها قاعد وهى العجوز.
قوله : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) وفى الآية إضمار تقديره : ويقولان : ربنا تقبّل منا ، أى : ما عملنا لك ، وتقبّل طاعتنا إياك وعبادتنا لك ، إنك أنت السميع لدعائنا. العليم : يعنى بنياتنا. والسميع بمعنى السامع لكنه أبلغ منه ؛ لأن بناء فعيل للمبالغة.
قال الخطابى : ويكون السماع بمعنى القبول والإجابة ؛ لقول النبى صلىاللهعليهوسلم : «أعوذ بك من دعاء لا يسمع» أى : لا يستجاب. وقول المصلى : سمع الله لمن حمده ، أى : قبل الله ممن حمده.
وقوله : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ)(٢) قوله : من ذريتى : من للتبعيض ، أى : من بعض ذريتى وهو إسماعيل عليهالسلام.
قوله : (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) يعنى : ليس فيه زرع. ومكة واد بين جبلين ، جبل أبى قبيس وجبل أجياد. ومكة واد بينهما.
وقوله : عند بيتك المحرم : سماه محرما ؛ لأنه يحرم عنده ما لا يحرم عند غيره.
وقيل : لأن الله تعالى حرّمه على الجبابرة فلم ينالوه بسوء ، وحرّم التعرض له والتهاون به وبحرمته ، وجعل ما حوله حرما لمكانه وشرفه عنده.
__________________
(١) أخرجه الأزرقى فى أخبار مكة ١ / ٤٣ ، وابن الجوزى فى العلل (٩٣٧) ، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ١ / ٢٤٥ إلى الجندى ، والديلمى (٤٨٥١) وفيه : محمد بن زياد اليشكرى الجزرى صاحب ميمون بن مهران الفأفأ ، قال عنه الدارقطنى : كذاب. وقال ابن حبان : كان ممن يضع الحديث ولا يحل ذكره فى الكتب إلا على جهة القدح فيه. وقال عنه الترمذى : ضعيف جدا. وقال عنه النسائى : متروك الحديث.
(٢) سورة إبراهيم : آية ٣٧.