ويروى عن الشعبى أنه لما بنى ساقا قال لإسماعيل : ائتنى بحجر ، فذهب إسماعيل إلى الوادى يطلب الحجر ، فنزل جبريل ـ عليهالسلام ـ بالحجر الأسود ـ وقد كان رفع إلى السماء وقت الطوفان ـ وجاء إسماعيل بحجر من الوادى ، فوجد إبراهيم قد وضع الحجر الأسود ، فقال : من جاءك به؟ قال : من لم يكلنى إلى حجرك (١).
ويروى أنه لما غرقت الأرض استودع الله ـ تعالى ـ الحجر الأسود بأبى قبيس ، وقال له : إذا رأيت خليلى يبنى لى بيتا فأعطه إياه ، فلما ابتغى إبراهيم الحجر ، ناداه من أبى قبيس ، فوفى إليه إبراهيم فأخذه ووضعه فى هذا الموضع الذى هو فيه اليوم.
ويروى : أن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ كان يبنى وإسماعيل يناوله الحجر ، حتى إذا بلغ موضع الركن ؛ فإذا النداء من جبل أبى قبيس : يا إبراهيم ، إن لك عندى وديعة فأت فخذها ، فعمد إلى الجبل فبرز له هذا الحجر الأسود ، فوضعه إبراهيم فى هذا الموضع الذى هو فيه اليوم ؛ فلأجل ذلك سمى هذا الجبل أبا قبيس ؛ لأن الحجر الأسود اقتبس منه بعد الطوفان. وقيل : سمى به ؛ لأنه كان فيه رجل يقال له : أبو قبيس بنى فيه البناء ، فلما صعد إليه سمى جبل أبى قبيس (٢).
ثم انهدم البيت فبنته العمالقة ، ثم انهدم فبنته قبيلة من جرهم ، ثم انهدم فبنته قريش. فلما أرادوا أن يضعوا الحجر الأسود تنازعوا فيه ، فقالوا : أول رجل يدخل علينا من هذا الباب فهو يضعه ، فدخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمر بثوب فبسط ، ثم وضعه فيه ، ثم قال : ليأخذ من كل قبيلة رجل من ناحية الثوب ، ثم رفعوه إلى
__________________
(١) أخرجه : الحاكم فى المستدرك ٢ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ؛ وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبى ، والصالحى فى سبل الهدى والرشاد ١ / ١٨٢ ، الاكتفا ١ / ٤٢.
(٢) أخرجه : السيوطى فى الدر المنثور ٤ / ٣٥٤ ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن أبى حاتم من قول مجاهد ، والفاكهى فى أخبار مكة ٤ / ٤٧ ، وابن جماعة فى هداية السالك ٣ / ١٣٢٤ ، والأزرقى فى أخبار مكة ١ / ٥١ ، ٥٦ ، ٢ / ٢٦٦.
وأبو قبيس : أحد أخشبى مكة ، وهو الجبل المشرف على الصفا ، وهو ما بين حرف أجياد الصغير إلى السويداء التى تلى الخندمة.