تمهيد
إن لهذه الليلة العظيمة أبعاداً مختلفةً ، وجوانبَ متعددةً ، وعِبَراً نافعةً ، في ميادين العقيدة والشريعة الإسلامية يجدُرُ الوقوفُ عليها ، واستكناه ما في سويعاتها العصيبة التي نزلت بساحة أهل بيت الوحي والتنزيل عليهمالسلام ، وما أعقبها من أحداث مُنيَ بها الإسلام والمسلمون بأفدح ما عرفهُ تاريخ البشرية أجمع ، وكيف لا وقد اتفقت الكلمةُ علىٰ إبادة أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة ومهبط التنزيل.
إن ليلة عاشوراءَ الأليمة من سنة ( ٦١ ه ) وإن كانت في حساب الليالي ليلةً واحدةً ذات سُويعات محدودة ، إلا أنها في حساب التاريخ شكلت مُنعطفاً حاداً في تاريخ الإسلام ، لم تشهده ليلةٌ من لياليه مُنذ فجره وإلىٰ يومنا هذا ، سوىٰ ليالٍ معدودة شاءَ اللهُ أن يجعلها شموساً في تاريخ الإسلام ، والتي منها ليلةُ مبيتِ أمير المؤمنين علي عليهالسلام علىٰ فراش النبي صلىاللهعليهوآله ، وليلةٌ سَمعت فيها فاطمة الزهراء عليهاالسلام صوتَ بلال يُردّد : أشهد أن محمداً رسول الله ، وأبوها العظيم صلىاللهعليهوآله ملبٍّ نداء الله ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ) (١).
وليلةٌ سمعت فيها عقيلةُ الهاشميين عليهاالسلام إخاها الحسين عليهالسلام ينشد ويردد : يا دهر اُفٍ لك من خليل ...
__________________
(١) سورة الفجر : الآية ٢٧ و ٢٨.