وجاء في البداية : فعدل الحسين عليهالسلام إلى خيمة قد نُصبت فاغتسل فيها وانطلى بالنورة وتَطيّب بمسك كثير ، ودخلَ بعدَهُ بعضُ الأمراء ففعلوا كما فعل ، فقال بعضهم لبعض : ما هذا في هذه الساعة ؟! فقال بعضهم : دعنا منك ، والله ما هذه بساعة باطل ! فقال يزيد بن حصين : والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً ، ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لا قون ، والله ما بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل علينا هؤلاء القوم فيقتلوننا (١).
استبشار الأنصار بالشهادة
ولقد مزح حبيب بن مظاهر الأسدي ، فقال له يزيد بن خضير الهمداني ، وكان يقال له سيد القرآء : يا أخي ليس هذه بساعة ضحك ! قال : فأيُّ موضعٍ أحقُّ من هذا بالسرور ، والله ما هو إلا أن يميل علينا هذه الطُّغام بسيوفهم فنعانق الحور العين (٢).
هكذا كان أصحاب الحسين عليهالسلام مستأنسين بالمنيّة غير مكترثين بما يجري عليهم فقد روي أن نافع بن هلال البجلي ـ رضي الله تعالى عنه ـ قضى شَطرَ ليله في كتابة اسمه على سهام نبله ، إمعاناً في طلب المثوبة والأجر ، وإمعاناً في السخرية
__________________
(٥) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣٢١ ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : ج ٤ ، ص ٦ ، اللهوف : ص ٤١ ، بحار الأنوار : ج ٤٥ ، ص ١.
(١) البداية والنهاية لابن كثير : ج ٤ ، ص ١٧٨.
(٢) إختيار معرفة الرجال للطوسي : ج ١ ، ص ٢٩٣ ، بحار الأنوار : ج ٤٥ ، ص ٩٣.